شرح الجامع الصحيح لابن بطال

كتاب الأحكام

          ░░93▒▒ كِتَاب الأحْكَامِ
          وقَوْلِ اللهِ ╡ {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:59]
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قال النَّبيُّ صلعم: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي). [خ¦7137]
          وفيه: ابْنُ عُمَر: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإمَامُ الذي على النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) الحديث. [خ¦7138]
          قال المُهَلَّب: هذا يدلُّ على وجوب طاعة السلطان وجوبًا مجملًا؛ لأنَّ في ذلك طاعة الله وطاعة رسوله، فمن ائتمر لطاعة أولي الأمر لأمر الله ╡ ورسوله ◙ بذلك(1) فطاعتهم واجبةٌ فيما رأوه من وجوه الصلاح حتَّى إذا خرجوا إلى ما يشكُّ أنَّه معصيةٌ لله ╡ لم تلزمهم طاعتهم فيه وطلب الخروج عن طاعتهم بغير(2) مواجهةٍ في الخلاف.
          وروي عن أبي هريرة في قوله تعالى: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[النساء:59]، قال: هم الأمراء. وقال الحسن: هم الأمراء والعلماء. وكان مجاهدٌ يقول: هم أصحاب محمَّدٍ صلعم. وربَّما قالوا(3): أولو العقل والفقه في دين الله ╡. وقال عطاءٌ: هم أهل العلم والفقه، وطاعة الرسول اتِّباع الكتاب والسنَّة.
          قال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم، ولم يكن أحدٌ بالمدينة يفسِّر القرآن بعد محمَّد بن كعبٍ تفسيره، قلت له: ما تقول في قول الله ╡: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[النساء:59]؟ فقال: اقرأ ما قبلها حتَّى تعرف. فقرأت: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ(4)}الآية[النساء:58]. قال: هذه في الولاة. وفي حديث ابن عمر أنَّ فرضًا على الأمراء نصح من ولَّاهم الله أمرهم، وكذلك كلُّ من ذكر في الحديث ممَّن استرعي أمرًا أو اؤتمن عليه فالواجب عليه بذل النصيحة فيه، وقد قال ◙: ((من استرعي رعيةً فلم يحطها بنصيحةٍ لم يرح رائحة الجنَّة)) وسيأتي هذا الحديث بعد هذا في باب من استرعي رعيةً ولم ينصح(5). [خ¦7150]


[1] في (ص): ((لذلك)).
[2] قوله: ((بغير)) ليس في (ص).
[3] في (ص):((قال)).
[4] قوله: ((أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)) ليس في (ص).
[5] قوله: ((هذا الحديث بعد هذا في باب من استرعي رعية ولم ينصح)) ليس في (ص).