شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب السرعة في السير

          ░136▒ باب: السُّرْعَةِ في السَّيْرِ
          وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ عن الرَّسُولِ صلعم: (إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إلى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجِّل).
          فيه: أُسَامَةُ: سُئل عَنْ مَسِيرِ النَّبيِّ صلعم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: (كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ _وَالنَّصُّ: فَوْقَ الْعَنَقِ_). [خ¦2999]
          وفيه: ابْنُ عُمَرَ: أنَّهُ بَلَغَهُ بِطَريقِ مكَّةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أبي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ؛ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، وَقَالَ: (إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ). [خ¦3000]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ الله: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أَهْلِهِ). [خ¦3001]
          قال المؤلِّف: أمَّا تعجيله ◙ إلى المدينة فليُخرِج نفسه من عذاب السَّفر، وليُفرِح بنفسه أهله وجماعة المؤمنين بالمدينة.
          وأمَّا تعجيل السَّير إذا وجد فجوةً حين دفع من عرفة؛ فليتعجَّل الوقوف بالمشعر الحرام ويدعو الله في ذلك الموقف؛ لأنَّ ساعات الدُّعاء في ذلك الوقت ضيِّقةٌ ولا تدوم ونادرةً، إنَّما هي من عامٍ إلى عامٍ، وأمَّا تعجيل ابن عمر إلى زوجته إنَّما هو ليدرك من حياتها من يمكنه أن تعهد إليه بما لا تعهد به إلى غيره، لئلَّا يحرمها ما تريده من طاعة الله في عهدها، ومع ذلك فإنَّه كان يُسِرُّها بقدومه. / وفيه التَّواضع وترك التَّكبُّر.