شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يذكر من شؤم الفرس

          ░47▒ باب: مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: قَالَ ◙: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ في ثَلاثَةٍ: في الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ). [خ¦2858]
          وفيه: سَهْلٌ، قَالَ الرَّسولُ: (إِنْ كَانَ في شَيءٍ، ففي الْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ، وَالْمَسْكَنِ). [خ¦2859]
          قال المُهَلَّب: قوله: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ في ثَلاثَ) فحقيقٌ في ظاهر اللَّفظ حين لم يستطع أن ينسخ التَّطيُّر من نفوس النَّاس، فأعلمهم أنَّ الذي يعذَّبون به من الطِّيرة لمن التزمها إنَّما هو في ثلاثة أشياء وهي الملازمة لهم، مثل دار المنشأ والمسكن، والزَّوجة التي هي ملازمةٌ في حال العيش الكسير(1)، والفرس الذي به عيشه وجهاده وتقلُّبه، فحكم ◙ بترك هذه الثَّلاثة الأشياء لمن ألزم التَّطيُّر حين قال في الدَّار التي سكنت، والمال وافرٌ، والعدد كثيرٌ؛ اتركوها ذميمةً خشية ألَّا يطول تعذُّب النُّفوس بما يكره من هذه الثَّلاثة ويتطيَّر به، وأمَّا غيرها من الأشياء التي إنَّما هي خاطرةٌ وطارئةٌ، وإنَّما تحزن بها النُّفوس ساعةً أو أقلَّ مثل الطَّائر المكروه الاسم عند العرب بمن يرحل منهم، فإنَّما يعرض له ذلك في حين / مروره به، فقد أمر ◙ في مثل هذا وشبهه _لا يضرُّ من عرض له_ بأمرٍ في المرأة والفرس والدَّار بخلاف ذلك؛ لطول التَّعذُّب بها. وقد قال ◙: ((ثلاثةٌ لا يسلم منهنَّ أحدٌ: الطِّيرة والظَّنُّ والحسد؛ فإذا تطيَّرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقِّق)).
          وحكى بعض المعتزلة أنَّ أحاديث الشُّؤم يعارضها قوله ◙: ((لا عَدوى ولا طِيَرة)) وسأذكر ما فسَّر به العلماء ذلك ونفي التَّعارض عنها في كتاب الطِّب عند قوله ((لا عدوى ولا طيرة))، إن شاء الله. [خ¦5772]


[1] في المطبوع: ((اليسير)).