شرح الجامع الصحيح لابن بطال

كتاب الغسل

          ♫(1)
          ░░5▒▒ كِتَابُ الْغُسْلِ.
          بَابُ الغُسْلِ وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة:6]{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيْلٍ حتَّى تَغْتَسِلُوا}[النساء:43]
          اختلف العلماء في صفة الغُسْلِ الَّذي عنى الله(2) في هاتين الآيتين، فقالت طائفةٌ: يُجزئ الجُنُبَ الانغماسُ في الماء دون إمرار اليد على جسده، هذا قول الحَسَنِ وعَطَاءٍ وسَالِمٍ والنَّخَعِيِّ والشَّعْبِيِّ والزُّهْرِيِّ، وبه قال الثَّوْرِيُّ والكوفيُّون والأوزاعيُّ والشَّافعيُّ وأحمدُ وإِسْحَاقُ ومُحَمَّدُ(3) بنُ عبدِ الحَكَمِ، وأبو الفَرَجِ المالكيِّ. وقالت طائفةٌ: لا يجزئه حتَّى يُمِرَّ يديه(4) على جسده، هذا قول القَاسِمِ وأبي العَالِيَةِ، ومَيْمُونِ بن مِهْرَانَ، وإليه ذهب مالكٌ والمُزَنِيُّ. واحتَجَّ أهل المقالة الأولى، فقالوا: إنَّ كلَّ من صُبَّ عليه الماء فقد اغتسل، تقول العرب: غسَّلتني السَّماء، ولا مدخل فيه لإمرار اليد، وقد وصفت عَائِشَةُ ومَيْمُوْنَةُ غُسْلَ رَسُولُ اللهِ صلعم مِن الجنابة ولم تذكرا تَدَلُّكًا. واحتَجَّ المُزَنِيُّ لصحَّة(5) قول من أوجب التَّدَلُّكَ، فقال: إنَّ الله تعالى أمر الجُنُبَ بالاغتسال، كما أمر المتوضِّئ بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ولم يكن بُدٌّ للمتوضِّئ مِن إمرار يديه مع الماء على وجهه ويديه، فكذلك جميع جسد الجُنُبِ(6) ورأسه في حكم وجه المتوضِّئ ويديه وهذا لازمٌ. قال(7) غيره: ألا تراهم(8) أجمعوا أنَّ الوضوء للصَّلاة لا يُجزئ فيه(9) إلَّا إمرار اليد، وأجمعوا أنَّ الوضوء في الغُسْلِ من الجنابة ليس بفرضٍ؟ وإذا كان ذلك فإنَّ المُغْتَسِلَ مِن الجنابة الَّذي لا يقول بإمرار اليد إذا لم يتوضَّأ في اغتساله(10)، فقد أوجب وضوءًا(11) للصَّلاة دون إمرار اليد(12)، وهو لا يقول بذلك فنقض قوله.


[1] زاد في المطبوع: ((عونك اللَّهُمَّ)). وقوله: ((بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ)) ليس في (م). لا
[2] زاد في (م): ((╡)).
[3] زاد في (م): ((بن عبد الله)).
[4] في (م): ((يده)).
[5] في (م): ((بصحَّة)) تحتمل في (ص).
[6] قوله: ((ويديه إلى المرفقين، ولم يكن بُدٌّ للمتوضِّئ من إمرار يديه مع الماء على وجهه ويديه، فكذلك جميع جسد الجنب)) ليس في (م).
[7] في (م) و(ص): ((وقال)).
[8] زاد في (م): ((قد)). في (ص): ((ألا تراهم أنهم)).
[9] في (م): ((به)).
[10] في المطبوع و(ص): ((إذًا لم يتوضَّأ لاغتساله)).
[11] في (م): ((وضوءه)).
[12] في (م): ((يد)).