شرح الجامع الصحيح لابن بطال

[كتاب الرهن]

          ░░48▒▒ كِتَابُ الرُّهُوْنِ
          ░1▒ الرَّهْنُ فِي الحَضَرِ
          وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوْضَةٌ(1)}[البقرة:283].
          فيهِ أَنَسٌ: (رَهَنَ النَّبِيُّ صلعم دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ) وذكرَ الحديثَ. [خ¦2508]
          الرَّهنُ(2) جائزٌ في الحَضرِ والسَّفر، وبه قال جميعُ الفقهاء، وحُكِيَ عن مُجَاهِدٍ أنَّه قال: لا يحلُّ الرَّهن إلَّا في السَّفر، وبه قال أهل(3) الظَّاهر، واحتجُّوا بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:283]، قالوا: فأباح الرَّهن بشرط أن يكون في السَّفر.
          وحجَّةُ الجماعةِ أنَّ اللهَ تعالى لم يذكرِ السَّفر على أنْ يكونَ الشَّرط(4) في الرَّهن، وإنَّما ذكره لأجل أنَّ الغالب فيه أنَّ الكاتبَ يعدمُ في السَّفر، وقد يوجد الكاتب في السَّفر، ويجوز فيه الرَّهن، فكذلك يجب أنْ يجوزَ الرَّهن في الحضر، وإن كان الكاتب حاضرًا(5)؛ لأنَّ الرَّهن إنَّما هو على معنى الاستيثاق، / [بدليل قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[البقرة:283]الآية، وكلُّ ما جاز أنْ يُستوثقَ به في الحضر كالكفيل والضَّمين.
          (وَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صلعم دِرْعَهُ بِالمَدِيْنَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي شَعِيْرٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهَ)، والمدينة حضرته ووطنه، فسقط قولهم]
(6).


[1] في (ز): ((قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ})) الآية.
[2] في (ص): ((الحديث في الرَّهن)).
[3] قوله: ((أهل)) ليس في (ز).
[4] في (ز): ((شرطًا)).
[5] في (ص): ((حاضر)).
[6] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).