شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب السير وحده

          ░135▒ باب: السَّيرِ وَحدَهُ
          فيه: جَابِرٌ: (نَدَبَ الرَّسولُ صلعم النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ ثلاثًا، فقَالَ ◙: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ). قَالَ سُفْيَانُ: الْحَوَاريُّ: النَّاصِرُ. [خ¦2997]
          وفيه: ابْنُ عُمَرَ قَالَ ◙: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ). [خ¦2998]
          قال المُهَلَّب: نهيه عن الوحدة في سير اللَّيل إنَّما هو إشفاقٌ على الواحد من الشَّياطين؛ لأنَّه وقت انتشارهم وأذاهم للبشر بالتَّمثُّل لهم وما يفزعهم ويدخل في قلوبهم الوساوس؛ ولذلك أمر النَّاس أن يحبسوا صبيانهم عند حدقة اللَّيل، وأمَّا قصَّة الزُّبير فإنَّما هي ليعرف أمر العدوِّ، والواحد الثَّابت في ذلك أخفى على العدوِّ وأقرب إلى التَّجسُّس بالاختفاء والقرب منهم مع ما علم الله من نيَّته والتَّأييد عليها، فبعثه ◙ واثقًا بالله، ومع أنَّ الوحدة ليست محرَّمةً، وإنَّما هي مكروهةٌ؛ فمن أخذ بالأفضل من الصُّحبة فهو أولى، ومن أخذ بالوحدة فلم يأت حرامًا، وقد تقدَّم الكلام في حديث جابرٍ والأحاديث المعارضة له في باب: هل يبعث الطَّليعة وحده، [خ¦2847] وفي باب سفر الاثنين، [خ¦2848] قبل هذا بأبسط من هذا وأتمَّ، فأغنى عن إعادته.