شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخروج بعد الظهر

          ░104▒ باب: الْخُرُوجِ بَعْدَ الظُهْرِ
          فيه: أَنَسٌ: (أَنَّ رسُولَ الله صلعم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا). [خ¦2951]
          في خروج النَّبيِّ صلعم إلى سفر الحجِّ دليلٌ على أنَّه لا ينبغي أن يكره السَّفر وابتداء العمل بعد ذهاب صدر النِّهار وأوَّله؛ إذ الأوقات كلُّها لله، وأنَّ ما روي عنه ◙: ((اللَّهُمَّ بارك لأمَّتي في بكورها)). لا يدلُّ أن غير البكور لا بركة فيه؛ لأنَّ كلَّ ما فعل النَّبيُّ صلعم / ففيه البركة ولأمَّته فيه أكبر الأسوة.
          وإنَّما خصَّ ◙ البكور بالدُّعاء بالبركة فيه من بين سائر الأوقات _والله أعلم_ لأنَّه وقت يقصده النَّاس بابتداء أعمالهم وهو وقت نشاطٍ وقيامٍ من دعةٍ، فخصَّه بالدُّعاء؛ لينال بركة دعوته جميع أمَّته.
          والحديث بذلك ذكره ابن المنذر قال: حدَّثنا سليمان بن شعيبٍ قال: حدَّثني يحيى بن حسَّان، حدَّثنا هشيمٌ، أخبرنا يعلي بن عطاءٍ، عن عُمارة، عن صخرٍ الغامديِّ قال: قال رسول الله: ((اللَّهُمَّ بارك لأمَّتي في بكورها))، قال: وكان إذا بعث جيشًا أو سريَّةً بعثهم أوَّل النَّهار. قال: وكان صخرٌ رجلًا تاجرًا فكان إذا بعث غلمانه بعثهم أوَّل النَّهار فأثرى وكثر ماله.