شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الجهاد بإذن الأبوين

          ░138▒ باب: الْجِهَادِ بِإِذْنِ الأبَوَيْنِ
          فيه: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ ◙، فَاسْتَأْذَنَهُ في الْجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ / قالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ). [خ¦3004]
          قال المُهَلَّب: هذا _والله أعلم_ في زمن استظهار المسلمين على عدوِّهم وقيام من انتدب إلى الغزو بهم مع أنَّه _والله أعلم_ رأى به ضعفًا لم يقدر نفاذه في الجهاد، فندبه إلى الجهاد في برِّ والديه، وقد روي عن عُمَر بن الخطَّاب، وعثمان بن عفَّان أنَّ من أراد الغزو وأمرته أمُّه بالجلوس أن يجلس، وقال الحسن البصريُّ: إذا أذنت له أمُّه في الجهاد وعلم أنَّ هواها أن يجلس، فيجلس. ومن رأى ألَّا يخرج إلى الغزو إلَّا بإذن والديه: مالكٌ والأوزاعيُّ والشَّافعيُّ والثَّوريُّ وأحمد وأكثر أهل العلم، هذا كلُّه في حال الاختيار ما لم تقع ضرورةٌ وقوَّةٌ للعدوِّ، وإذا كان ذلك تعيَّن الفرض على الجميع وزال الاختيار، ووجب الجهاد على الكلِّ.