شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: الشهادة سبع سوى القتل

          ░30▒ باب الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبيُّ ◙ (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُون وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ). [خ¦2829]
          وفيه: أَنَسٌ قَالَ النَّبيُّ ◙ (الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ). [خ¦2830]
          قال المؤلِّف: لا تخرج هذه التَّرجمة من الحديث أصلًا. وهذا يدلُّ أنَّ البخاريَّ مات ولم يهذِّب كتابه؛ لأنَّه لم يذكر الحديث الذي فيه أنَّ الشُّهداء سبعةٌ سوى القتل في سبيل الله، وهو حديث رواه مالكٍ، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عَتِيكٍ، عن عَتِيك بن الحارث بن عَتيكٍ أنَّ جابر بن عتيكٍ(1) أخبره أنَّ رسول الله جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه. وذكر الحديث، وقال فيه رسول الله: ((الشُّهداء سبعةٌ سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيدٌ، والغرق شهيدٌ، وصاحب ذات الجنب شهيدٌ، والمبطون شهيدٌ، والحرق شهيدٌ، والذي يموت تحت الهدم شهيدٌ، والمرأة تموت بجمع شهيدٌ)) فالمطعون هو الذي يموت في الطَّاعون، وقد قالت عائشة: قال النَّبيُّ ◙: ((فناء أمَّتى في الطَّعن والطَّاعون. قالت: أمَّا الطَّعن فقد عرفناه؟ فما الطَّاعون؟ قال: غدَّة كغدَّة البعير تخرج في المراق والآباط، من مات منه مات شهيدًا)) والمبطون: هو المَحبُون(2) وقيل: صاحب انخراق البطن بالإسهال.
          وذات الجنب: وهي الشَّوصة. وفي بعض الآثار: ((المجنوب شهيدٌ)) يريد صاحب ذات الجنب، يقال: منه رجل جَنِب _بكسر النُّون_ إذا كان به ذلك، وأمَّا المرأة تموت بجمعٍ، ففيه قولان: أحدهما: المرأة تموت من الولادة وولدها في بطنها قد تمَّ خلقه، وقيل: إذا ماتت من النِّفاس فهو شهيدٌ سواءٌ ألقت ولدها وماتت، أو ماتت وهو في بطنها. والقول الثاني: هي المرأة تموت عذراء قبل أن تحيض لم يمسَّها الرِّجال. والأوَّل أشهر في اللُّغة.
          قال المُهَلَّب: وقد أخبر ◙ في غير ما ذكر في هذه الآثار في قوم أنَّهم شهداء فقال: ((من قتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومن قتل دون أهله ودون دينه)) وإن كان بنصِّ كتاب الله إنَّما أتى فيمن قتل في سبيل الله فمن ألحق النَّبيُّ ◙ ميتته بالشَّهادة فحاله كحال من قتل في سبيل الله، والله أعلم.


[1] قوله: ((أن جابر بن عتيك)) ليس في (ص) والمثبت من المطبوع.
[2] كذا ترجحت قراءتنا لهذه الكلمة في (ص) وبيض لها في المطبوع وفي التوضيح: ((المجنوب)) ولا يستقيم لذكره بعد، والحَبَن داء يأخذ في البطن فيعظم منه ويرم.