شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لا يثبت على الخيل

          ░162▒ باب: مَنْ لاَ يَثْبُتَ على الخَيْلِ
          فيه: جَرِيرٌ: (مَا حَجَبَنِي النَّبيُّ صلعم مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ في وَجْهِي، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لا أَثْبُتُ على الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ في صَدْرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا). [خ¦3035] [خ¦3036]
          فيه أنَّ الرَّجل الوجيه في قومه له حرمةٌ ومكانةٌ على من هو دونه؛ لأنَّ جريرًا كان سيِّد قومه. وفيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم وطلاقة الوجه من أخلاق النُّبوَّة، وهو منافٍ للتَّكبُّر وجالبٌ للمودَّة. وفيه فضل الفروسيَّة وإحكام ركوب الخيل وأنَّ ذلك ممَّا ينبغي أن يتعلَّمه الرَّجل الشَّريف والرَّئيس.
          وفيه أنَّه لا بأس للعالم والإمام إذا أشار إلى إنسان في مخاطبته أو غيرها أن يضع عليه يده، ويضرب بعض جسده، وذلك من التَّواضع وفيه استمالة النُّفوس. وفيه بركة دعوة النَّبيِّ صلعم؛ لأنَّه قد جاء في هذا الحديث أنَّه ما سقط بعد ذلك من الخيل.
          وقوله: (هاديًا مهديًّا) من باب التَّقديم والتَّأخير الذي في كلام العرب؛ لأنَّه لا يكون هاديًا لغيره إلَّا بعد أن يهتدى هو ويكون مهديًّا.