شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}

          ░45▒ باب: مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا في سَبِيلِ اللهِ.
          لِقَوْلِهِ تعالى: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ}[الأنفال:60].
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ ◙: (مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا في سَبِيلِ اللهِ إِيمَانًا بِاللهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ في مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [خ¦2853]
          قال المُهَلَّب: هذا الحديث يدلُّ أنَّ الأحباس جاريةٌ في الخيل والرِّياع وغيرها؛ لأنَّه إذا جاز ذلك في الخيل للمدافعة عن المسلمين وعن الدِّين والنَّفع لهم بجرِّ الغنائم والأموال إليهم، فكذلك يجوز في الرِّياع المثمرة لهم، وما وصف الرَّسول صلعم من الرَّوث وغيره فإنَّما يريد ثوابه؛ لأنَّ الرَّوث لا يوزن بل أجره، ولا تقول إنَّ زنة الأجر زنة الرَّوث بل أَضعافه إلى ما شاء الله.
          وفيه أنَّ النِّيَّة قد يؤجر الإنسان بها كما يؤجر العامل؛ لأنَّ هذا إنَّما احتبس فرسه ليقاتل عليه ويغير، فيعوَّض من أجر العمل المعدوم في ترك استعماله فيه، فعدَّ نفقاته وأرواثه أجرًا له، مع أنَّه في رباطه نافعٌ؛ لأنَّ الإرهاب بارتباطه في نفس العدوِّ وسماعهم عنه نافعٌ. وفيه أنَّ الأمثال تضرب لصحَّة المعاني وإن كان فيها بعض المكروهات الذِّكر. /