-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله ╡
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب منه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░102▒ باب: دُعَاءِ الرَّسُولِ ◙ النَّاسَ إلى الإسْلامِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَلاَّ يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا
وَقَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ}الآية[آل عِمْرَان:79].
فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَنَّ الرَّسُولَ ◙ كَتَبَ إلى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إلى الإسْلامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلى عَظِيمِ بُصْرَى، لِيَدْفَعَهُ إلى قَيْصَرَ، فَقُرِئَ، فَإِذَا فيهِ: ╖، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ على مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ الأرِيسِيِّينَ وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُوا اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عِمْرَان:64]الحديث). [خ¦2940] [خ¦2941]
فيه: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: (قَالَ النَّبيُّ صلعم يَوْمَ خَيْبَرَ: لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ على يَدَيْهِ، فَقَامُوا يَرْجُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ؟ قِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ، فَدُعِيَ لَهُ فَبَصَقَ في عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: على رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللهِ لئنْ يَهْدي الله بِكَ رَجُلًا وَاحِدً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ). [خ¦2942]
وفيه أَنَسٌ: (كَانَ الرَّسُولُ صلعم إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ(1) حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ ما أَصْبَح، فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلا، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ
/ وَمَكَاتِلِهِمْ، فقَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَاللهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رسُول الله: اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}[الصافات:177]). [خ¦2943]
وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَالَ ذلك فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ على اللهِ). [خ¦2946]
في هذا الباب الدُّعاء إلى الإسلام بالمكاتبة وبعثة الرَّسول، واستحبَّ العلماء أن يُدعَى الكافر إلى الإسلام قبل القتال، فقال مالكٌ: أمَّا من قربت داره منَّا فلا يُدعَون؛ لعلمهم بالدَّعوة ولتأمين غرَّتهم، ومن بعدت داره وخيف ألَّا تبلغه فالدَّعوة أقطع للشَّكِّ.
وذكر ابن المنذر عن عُمَر بن عبد العزيز أنَّه كتب إلى جَعْوَنة وأمَّره على الدُّروب أن يدعوهم قبل أن يقاتلهم، وأباح أكثر أهل العلم قتالهم قبل أن يُدعَوا؛ لأنَّهم قد بلغهم الدَّعوة، هذا قول الحسن البصريِّ والنَّخعيِّ وربيعة واللَّيث وأبي حنيفة والثَوريِّ والشَّافعيِّ وأحمد وإسحاق وأبي ثورٍ، قال الثَّوريُّ: ويُدعَون أحسن.
واحتجَّ اللَّيث والشَّافعيُّ بقتل ابن أبي الحُقَيق، وكعب بن الأشرف، وذكر ابن القصَّار عن أبي حنيفة: إن بلغتهم الدَّعوة فحسنٌ أن يدعوهم الإمام إلى الإسلام أو أداء الجزية قبل القتال. قال: ولا بأس أن يغيروا عليهم بغير دعوةٍ. وقال الشَّافعيُّ: لا أعلم أحدًا من المشركين لم تبلغه الدَّعوة اليوم إلَّا أن يكون خلف الغور، والتُّرك أمةٌّ لم تبلغهم، فلا يقاتلوا حتَّى يُدعَوا، ومن قتل منهم قبل ذلك فعلى قاِتِلِه الدِّية. وقال أبو حنيفة: لا شيء عليه.
قال الطَّحاويُّ: قد لبث الرَّسول صلعم بعد النُّبوَّة سنين يدعو النَّاس إلى الإسلام، ويقيم عليهم الحجج والبراهين كما أمره الله بقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[المؤمنون:96]وقوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}[المائدة:13]ثمَّ أنزل الله بعد ذلك: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ}[البقرة:191]فأباح قتال من قاتله، ولم يبح قتال من لم يقاتله، وكان الإسلام ينتشر في ذلك وتقوم الحجَّة به على من لم يكن علمه، ثمَّ أنزل الله بعد ذلك: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ}[التوبة:124]قاتلوكم قبل ذلك أم لا، فكان في ذلك زيادة في انتشار الإسلام، ثمَّ أنزل عليه: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً}[التوبة:36]فأمر بقتالهم كافَّةً حتَّى يكون الدِّين كلُّه لله.
وقد تقدَّمت معرفة النَّاس جميعًا بالإسلام وعلموا منابذته ◙ أهل الأديان، ولم يذكر في شيءٍ من الآي التي أمر فيها بالقتال دعاء من أمر بقتالهم؛ لأنَّهم قد علموا خلافهم له وما يدعوهم إليه، واحتجَّ لهذا القول بحديث أنسٍ أنَّه كان ◙ إذا سمع أذانًا أمسك، وإن لم يسمع أذانًا أغار بعد ما أصبح، فهذا يدلُّ أنَّه كان لا يدعو. وذهب من استحبَّ دعوتهم قبل القتال إلى حديث عليٍّ أن النَّبيَّ صلعم قال له: (عَلَى رِسلِكَ حتَّى تَنزِلَ بِسَاحَتِهِم، ثمَّ ادعُهُم إلى الإسلامِ وأخبِرهُم بما يَجِبُ عَلَيهِم).
وقال أهل القول الأوَّل: هذا يحتمل أن يكون في أوَّل الإسلام في قومٍ لم تبلغهم الدَّعوة، ولم يدروا ما يُدعَون إليه، فأمر بالدُّعاء ليكون ذلك تبليغًا لهم وإعلامًا، ثمَّ أمر بالغارة على آخرين فلم يكن ذلك إلَّا لمعنًى لم يحتاجوا معه إلى الدُّعاء؛ لأنَّهم قد علموا ما يُدعَون إليه وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا فلا معنى للدُّعاء، واحتجُّوا بحديث ابن عونٍ قال: كتبت إلى نافعٍ أسأله عن الدُّعاء قبل القتال، فقال: إنَّما كان ذلك في أوَّل الإسلام، ((قد أغارَ رسولُ الله على بني المصطلق وهم غارُّون فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريَّهم وأصاب يومئذٍ جويرية بنت الحارث))، حدَّثني بذلك ابن عمر وكان في الجيش، وبما رواه الزُّهريُّ، عن عروة، عن أسامة بن زيدٍ قال: قال رسول الله: ((أَغِر على أُبْنَى صباحًا وحرِّق)).
قال المُهَلَّب: وفي حديث أنسٍ الحكم بالدَّليل في الأبشار والأموال، ألا ترى أنَّه حقن دماء من سمع من دارهم الأذان، واستدلَّ بذلك على صدق دعواهم للإيمان.
قال الطَّبريُّ: /
فيه البيان عن حجَّة قول من أنكر على غزاة المسلمين بيات من لم يعرفوا حاله من أهل الحصون حتَّى يصبحوا فيتبيَّن حالهم بالأذان ويعلموا هل بلغتهم الدَّعوة أم لا؟ فإن كانوا ممَّن بلغتهم ولم يعلموا أمسلمين هم أم أهل صلحٍ أو حربٍ، فلا يغيروا حتَّى يصبحوا، فإن سمعوا أذانًا من حصنهم كان من الحقِّ عليهم الكفُّ عنهم، وإن لم يسمعوا أذانًا وكانوا أهل حربٍ أغاروا عليهم إن شاءوا.
فإن قيل: فما أنت قائلٌ في حديث الصَّعب بن جَثَّامة أن الرَّسولَ صلعم سئل عن أهل الدَّار من المشركين يُبيَّتون ليلًا ويصاب من نسائهم وذراريِّهم فقال: ((هم منهم)). وفي هذا إباحة البيات، وحديث أنسٍ بخلاف ذلك.
قيل: كلُّ ذلك صحيحٌ ولا يفسد أحدهما معنى الآخر، وذلك أنَّ حديث الصَّعب فيمن بلغته الدَّعوة ولا يُشَكُّ في حاله من أهل الحرب فإنَّه يجوز بياتهم، وإنَّما الذي ينتظر بهم الصَّباح لاستبراء حالهم بالأذان أو غيره من شعار أهل الإسلام من التبس أمره ولم يعرف حاله فعلى هذا يحمل حديث أنسٍ.
وقولهم: (مُحمَّدٌ والخَمِيسُ) يعنون: الجيش، ومعنى الكلام: هذا محمَّد وجيشه، أو قد جاء محمَّد وجيشه وإنَّما سمِّي: خميسًا؛ لأنَّه يخمِّس ما يجد من شيءٍ.
وقال الطَّحاويُّ: اختلف أهل العلم في تأويل حديث أبي هريرة، فذهب قومٌ إلى أنَّ من قال: لا إله إلا الله فقد صار بها مسلمًا، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، واحتجُّوا به، وخالفهم آخرون وقالوا: لا حجَّة لكم فيه؛ لأنَّ الرَّسول صلعم إنَّما كان يقاتل قومًا لا يوحِّدون الله فكان أحدهم إذا وحَّد الله عُلِم بذلك تركه لما قوتل عليه وخروجه منه ولم يُعلَم بذلك دخوله في الإسلام أو في أحد الملل التي توحِّد الله وتكفر بجحدها مرسله وغير ذلك من الوجوه التي يكفر بها مع توحيدهم الله كاليهود والنَّصارى الذين يوحِّدون الله ولا يقرُّون برسوله. وفي اليهود من يقول: إنَّ محمَّدًا رسول الله إلى العرب خاصَّةً، فكان حكم هؤلاء ألَّا يقاتلوا إذا وقعت هذه الشُّبهة حتَّى تقوم الحجَّة على من يقاتلهم بوجوب قتالهم، وقد أمر ◙ عليَّ بن أبي طالبٍ حين وجَّهه إلى خيبر _وأهلها يهود_ بما رواه ابن وهبٍ، عن يعقوب بن عبد الرَّحمن، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة ((أنَّ رسول الله لمَّا دفع الرَّاية إلى عليٍّ حين وجَّهه إلى خيبر قال: امضِ ولا تلتفت حتَّى يفتحِ الله عليك. فقال عليٌّ: علامَ أقاتلهم؟ قال: حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلَّا بحقِّها وحسابهم على الله)).
ففي هذا الحديث أنَ النَّبيَّ صلعم قد أباح له قتالهم وإن شهدوا أن لا إله إلا الله حتَّى يشهدوا أنَّ محمَّدًا رسول الله، وحتَّى يعلم على خروجهم من اليهود، كما أمر بقتال عَبْدة الأوثان حتَّى يعلم خروجهم ممَّا قوتلوا عليه، وقد أتى قومٌ من اليهود إلى النَّبيِّ صلعم فأقرُّوا بنبوَّته ولم يدخلوا في الإسلام فلم يقاتلهم على إباءتهم الدُّخول في الإسلام، إذ لم يكونوا بذلك الإقرار عنده مسلمين.
وروى شعبة، عن عَمْرو بن مرَّة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسَّالٍ أنَّ يهوديًا قال لصاحبه: تعال حتَّى نسأل هذا النَّبيَّ. فقال له الآخر: لا تقل له نبيٌّ؛ فإنَّه إن سمعها صارت له أربعة أَعْيَن، فأتاه فسأله عن هذه الآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}[الإسراء:101]فقال: ((لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النَّفس التي حرَّم الله إلَّا بالحقِّ، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تسخبوا، ولا تأكلوا الرِّبا، ولا تمشوا ببريءٍ إلى سلطانٍ ليقتله، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تفرُّوا من الزَّحف، وعليكم خاصَّة اليهود ألَّا تعدوا في السَّبت))، فقبَّلوا يده وقالوا: نشهد أنَّك نبيٌّ. قال: ((فما يمنعكم أن تتَّبعوني؟)) قالوا: نخشى أن تقتلنا اليهود، فأقرُّوا بنبوَّته مع توحيدهم لله ولم يكونوا بذلك مسلمين.
فثبت أنَّ الإسلام لا يكون إلَّا بالمعاني التي تدلُّ على الدُّخول في الإسلام وترك سائر الملل. وروى ابن وهبٍ، عن يحيى بن أيُّوب، عن حميدٍ الطَّويل، عن أنسٍ: ((أنَّ رسول الله قال: أمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله؛ فإذا شهدوا / بذلك وصلُّوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلَّا بحقِّها))، قال: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمَّدٍ.
قال الطَّحاويُّ: فالحديث الأوَّل الذي فيه توحيد الله خاصَّةً هو المعنى الذي يُكَفُ به عن القتال حتَّى يُعلَم ما أراد به قائله الإسلام أو غيره، حتَّى تصحَّ هذه الآثار ولا تتضادَّ. وقال الطَّبريُّ نحوًا من ذلك، وزاد فقال: أمَّا قوله ◙: ((فإذا قالوا: لا إله إلا الله؛ عصموا منِّي دماءهم وأموالهم)) الحديث، فإنَّه ◙ قائله في حال قتاله لأهل الأوثان الذين كانوا لا يقرُّون بتوحيد الله، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ}[الصافات:35].
فدعاهم الرَّسول صلعم إلى الإقرار بالوحدانية وخلع ما دونه من الأوثان، فمن أقرَّ بذلك منهم كان في الظَّاهر داخلًا في صبغة الإسلام، ثمَّ قال: آخرون من أهل الكفر كانوا يوحِّدون الله غير أنَّهم كانوا ينكرون نبوَّة محمَّدٍ، فقال ◙ في هؤلاء: ((أمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يقولوا: لا إله إلا الله ويشهدوا أنَّ محمَّدًا رسول الله))، فإسلام هؤلاء: الإقرار بما كانوا به جاحدين كما كان إسلام الآخرين إقرارهم بالله أنَّه واحدٌ لا شريك له، وعلى هذا تحمل الأحاديث.
[1] في (ص): ((لم يغز)) والمثبت من المطبوع.