شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب السمع والطاعة للإمام

          ░108▒ باب: السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ للإِمَام مَا لَمْ يَأْمُر بِمَعْصِيَةٍ
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: قَالَ الرَّسولُ: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ). [خ¦2955]
          قال المؤلِّف: احتجَّ بهذا الحديث الخوارج ورأوا الخروج على أئمَّة الجور والقيام عليهم عند ظهور جورهم، والذي عليه جمهور الأمَّة أنَّه لا يجب / القيام عليهم ولا خلعهم إلَّا بكفرهم بعد الإيمان وتركهم إقامة الصَّلوات، وأمَّا دون ذلك من الجور فلا يجوز الخروج عليهم إذا استوطأ أمرهم وأَمِر النَّاس معهم؛ لأنَّ في ترك الخروج عليهم تحصين الفروج والأموال وحقن الدِّماء، وفي القيام عليهم تفرُّق الكلمة وتشتُّت الألفة.
          وكذلك لا يجوز القتال معهم لمن خرج عليهم عن ظلمٍ ظهر منهم؛ لقوله ◙: (فَإِذَا أَمَرَ بِمَعصِيَةٍ فَلا سَمْعَ ولَا طَاعَةَ). وقال ◙: ((لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ)).
          وذكر عليُّ بن سعيدٍ(1) في كتاب «الطَّاعة والمعصية» حديثًا أسنده إلى النَّبيِّ صلعم قال: ((خيار أئمَّتكم الذين تحبُّونهم ويحبُّونكم، وشرار أئمَّتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم)). قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: ((لا، ما أقاموا فيكم الصَّلاة، ألا فمن ولي عليه والٍ فأتى شيئًا من المعاصي فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا عن طاعةٍ)) يعني: لا يخرجنَّ عليه.
          وروى الآجُرِّيُّ، عن البغويِّ، عن القواريريِّ: حدَّثنا حكيم بن حزامٍ _وكان من عباد الله الصَّالحين_ حدَّثنا عبد الملك بن عميرٍ، عن الرَّبيع بن عُمَيلة، عن ابن مسعودٍ عن النَّبيِّ صلعم قال: ((سيليكم أمراء يفسدون، وما يصلح الله بهم أكثر، فمن عمل منهم بطاعة الله فله الأجر وعليكم الشُّكر، ومن عمل منهم بمعصية الله فعليه الوزر وعليكم الصَّبر))، وسيأتي شيءٌ من هذا المعنى في كتاب الأحكام، [خ¦7142] [خ¦7143] [خ¦7144] [خ¦7145] وفي كتاب الفتن إن شاء الله. [خ¦7052] [خ¦7053] [خ¦7054] [خ¦7055] [خ¦7056] [خ¦7057]


[1] كذا في (ص) والمطبوع ولعله تصحيف، ونسب ابن الملقن كتاب الطاعة والمعصية إلى علي بن معبد. 15/477