شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

          ░59▒ باب: نَاقَةِ النَّبيِّ صلعم الْقَصْوَاءُ، وَالْعَضْبَاءُ.
          قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَرْدَفَ النَّبيُّ صلعم أُسَامَةَ على الْقَصْوَاءِ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: قَالَ الرَّسولُ صلعم: (مَا خَلأتِ الْقَصْوَاءُ). [خ¦2871]
          فيه: البَرَاءُ: (كَانَ لِلنَّبِيِّ ◙ نَاقَةٌ يُقال لها: الْعَضْبَاءَ، لا تُسْبَقُ _أَوْ لا تَكَادُ تُسْبَقُ_ فَجَاءَ أَعْرَابِي على قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ على الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ: حَقٌّ على اللهِ ألا يَرْفَعَ شَيئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ). [خ¦2872]
          فيه اتِّخاذ الأمراء والأئمَّة الإبل للرُّكوب، وفيه جواز / الارتداف للعلماء والصَّالحين، وفيه التَّزهيد في الدُّنيا والتَّقليل لأموره(1) لإخباره أنَّ كلَّ شيءٍ يرتفع من الدُّنيا يحقُّ على الله أن يضعه وبهذا نطق القرآن، قال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ}[النساء:77]وما وصفه أنَّه قليلٌ فقد وضعه وصغره، وقال تعالى تسلية عن متاع الدُّنيا: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى}[النساء:77]وقال: {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}[الإسراء:21]إرشادًا لعباده وتنبيهًا لهم على طلب الأفضل.
          والقصواء من النُّوق التي في أذنها حذفٌ، يقال منه: ناقةٌ قصواء وبعيرٌ مقصوٌّ ولا يقال: بعيرٌ أقصى. وذكر الأصمعيُّ النَّاقة أنَّه يقال منها: قصوةٌ. وقال صاحب «العين»: ناقةٌ عَضباء مشقوقة الأذن، وشاة عضباء مكسورة القرن، وقد عَضِبت عَضْبًا، والعَضَب: القطع، ومنه قيل للسَّيف القاطع: عَضْبٌ، وقد عَضِب يَعضَب إذا قطع. والقَعود: الجمل المسنُّ.


[1] قوله: ((لأموره)) غير واضحة في (ص) وبيض لهها في المطبوع والمثبت من التوضيح.