شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: الجنة تحت بارقة السيوف

          ░22▒ بابٌ الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ.
          وفيه الْمُغِيرَةُ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلعم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا، أنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إلى الْجَنَّةِ.
          وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلعم: أَلَيْسَ قَتْلانَا في الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ في النَّارِ؟ قَالَ: (بَلَى).
          فيه ابْنُ أبي أَوْفَى، قَالَ الرَّسولُ صلعم: (وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ). [خ¦2818]
          قال المُهَلَّب: فيه أنَّه قد يجوز أن يقطع لقتلى المسلمين كلِّهم بالجنَّة؛ لقول عمر: (ألَيسَ قَتلَانا في الجنَّة وقَتلَاهُم في النَّارِ) ولكن على الجملة وليس يمكن أن يشخص من هذه الجملة واحدٌ فيقال: إنَّ هذا في الجنَّة إلَّا بخبر(1) فيه نفسه؛ لقوله صلعم: ((والله أعلم بمن يجاهد في سبيله)) فنحن نقطع بظاهر هذا الحديث في الجملة ونَكِل التَّفصيل والغائب من النِّيَّات إلى الله تعالى لئلَّا يقطع في علم الله بغير خبرٍ، ألا ترى أنَّ النَّبيَّ صلعم حين سئل، فقيل له: منَّا من يقاتل للمغنم وليرى مكانه وللدُّنيا، فلمَّا فصَّل له تبرَّأ من موضع القطع على الغيب. فقال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في الجنَّة))، وهذا القول يقضي على سائر معاني الحديث والمسألة، والتَّرجمة صحيحةٌ، وأنَّ من قَتل أو قُتل في إعلاء كلمة الله فهو في الجنَّة.
          وقوله: (تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ) هو من البريقِ، والبريق معروفٌ.
          وقال الخطَّابيُّ: يقال: أبرق الرَّجل بسيفه إذا لمع به، ويسمَّى السيف إبريقًا، وهو إفعيلٌ من البريق. وقال ابن أحمر:
تَقلَّـدتَ إبريقًا وعَلَّقـتَ جَفْنـةَ                     لِتُهـلِكَ حيًّـا ذا زهـاءٍ وجَامـِلِ


[1] في (ص): ((إن)) والمثبت من المطبوع.