شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل الصوم في سبيل الله

          ░36▒ باب: فَضْلِ الصَّوْمِ في سَبِيلِ اللهِ.
          فيه: أَبُو سَعِيدٍ: (سَمِعْتُ النَّبيَّ صلعم يَقُولُ: مَنْ صَامَ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا). [خ¦2840]
          قال المُهَلَّب: هذا الحديث يدلُّ أنَّ الصِّيام في سائر أعمال البرِّ أفضل إلَّا أن يخشى الصَّائم ضعفًا عند اللِّقاء؛ لأنَّه قد ثبت عن الرَّسول صلعم أنَّه قال لأصحابه في بعض المغازي حين قرب من الملاقاة بأيَّامٍ يسيرةٍ: ((تقوُّوا لعدوِّكم)) فأمرهم بالإفطار؛ لأنَّ نفس الصَّائم ضعيفةٌ وقد جبل الله الأجسام على أنَّها لا قوام لها إلَّا بالغذاء. ولهذا المعنى قال النَّبيُّ صلعم لعبد الله بن عَمْرٍو: ((أفضل الصَّوم صوم داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفرُّ إذا لاقى)) فلا يكره الصَّوم البتَّة إلَّا عند اللِّقاء وخشية الضَّعف عند القتال؛ لأنَّ الجهاد وقتل المشركين أعظم أجرًا من الصَّوم لمن فيه قوَّة.