شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة

          ░5▒ باب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ في سَبِيلِ اللهِ وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ
          فيه: أَنَسٌ وسَهلٌ، قَالَ النَّبيُّ ◙: (لَغَدْوَةٌ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا). [خ¦2792]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ صلعم: (لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ)، [خ¦2793]
          قال المُهَلَّب: قوله: (الغَدْوَة والرَّوْحَة خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا) يعني خير من زمن الدُّنيا؛ لأنَّ الغدوة والرَّوحة في زمن، فيقال: إنَّ ثواب هذا الزَّمن القليل في الجنَّة خير من زمن الدُّنيا كلِّها، وكذلك قوله: (لَقابُ قَوسِ أَحَدِكُم) أو ((موضع سوطٍ في الجنَّة)) يريد أنَّ ما صغر في الجنَّة من المواضع كلِّها من بساتينها وأرضها، فأخبر في هذا الحديث أنَّ قصير الزَّمان وصغير المكان في الآخرة خيرٌ من طويل الزَّمان وكبير المكان في الدُّنيا، تزهيدًا فيها وتصغيرًا لها وترغيبًا في الجهاد، إذ بالغدوة والرَّوحة فيه أو مقدار قوس المجاهد يعطيه الله في الآخرة أفضل من الدُّنيا وما فيها، فما ظنُّك بمن أتعب فيه نفسه وأنفق ماله. وقال صاحب «العين»: قاب القوس قدر طولها.