شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: عمل صالح قبل القتال

          ░13▒ باب العَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ الْقِتَالِ.
          قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ.
          وَقَوْلُهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} إلى قوله: {مَرْصُوصٌ}[الصف:4].
          فيه: الْبَرَاءُ: (أَتَى النَّبيَّ صلعم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ صلعم: عَمِلَ قَلِيلًا، وَأُجِرَ كَثِيرًا). [خ¦2808]
          قال المُهَلَّب: في هذا الحديث دليلٌ أنَّ الله يعطي الثَّواب الجزيل على العمل اليسير تفضُّلًا منه على عباده، فاستحقَّ هذا نعيم الأبد في الجنَّة بإسلامه، وإن كان عمله قليلًا؛ لأنَّه اعتقد أنَّه لو عاش لكان مؤمنًا طول حياته فنفعته نيَّته، وإن كان قد تقدَّمها قليلٌ من العمل، وكذلك الكافر إذا مات ساعة كفره يجب عليه التَّخليد في النَّار؛ لأنَّه انضاف إلى كفره اعتقاده أنَّه يكون كافرًا طول حياته؛ لأنَّ الأعمال بالنِّيَّات.