شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التجمل للوفود

          ░177▒ باب: التَّجَمُّل لِلوُفُود
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ في السُّوقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْتَعْ هَذِهِ / الْحُلَّةَ، فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْوُفُودِ وَلِلْعِيدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلعم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ إلى النَّبيِّ صلعم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْتَ: إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إليَّ بِهَذِهِ، فَقَالَ: تَبِيعُهَا، أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ). [خ¦3054]
          فيه أنَّ من السُّنَّة المعروفة التَّجمُّل للوفد والعيد بحسن الثِّياب؛ لأنَّ في ذلك جمالًا للإسلام وأهله، وإرهابًا على العدوِّ، وتعظيمًا للمسلمين.
          وقول عمر: (تَجمَّلْ بِها لِلوَفدِ) يدلُّ أنَّ ذلك من عادتهم وفعلهم. وقال الأبهريُّ: إنَّما نهى النَّبيُّ صلعم عن الحرير والذَّهب للرِّجال؛ لأنَّه من زيِّ النِّساء وفعلهم. وقد نهى صلعم أن يتشبَّه الرِّجال بالنِّساء. وقيل: إنَّما نهى عن ذلك؛ لأنَّه من باب السَّرف والخيلاء، وقد جوَّز لباسه في الحرب للتَّرهيب على العدوِّ، وقد تقدَّم اختلافهم في ذلك، [خ¦2919] وسيأتي ما للعلماء في ذلك في كتاب اللِّباس. [خ¦5837]
          وفي قول عمر للنَّبيِّ صلعم: (أَكَسَوتَنِيهَا يا رَسُولَ الله، وَقَد قُلتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلتَ) أنَّه ينبغي السُّؤال عمَّا يشكل، وفي حديث النَّبيِّ صلعم أنَّه كساها له لغير اللِّباس، فيه من الفقه أنَّه لا بأس بالتِّجارة والانتفاع بما لا يجوز لبسه.