شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الغسل بعد الحرب والغبار

          ░18▒ باب الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ.
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاحَ(1) فاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاحَ، فَوَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: فَأَيْنَ؟ قَالَ: هَاهُنَا، وَأَوْمَأَ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِم النَّبيُّ صلعم). [خ¦2813]
          قال المُهَلَّب: إنَّما اغتسل من / الغبار للتَّنظيف، وإن كان الغبار في سبيل الله شاهدًا من شواهد الجهاد. وقد قال صلعم: ((ما اغبرَّت قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النَّار)) ألا ترى أنَّ جبريل لم يغسله عن نفسه تبرُّكًا به في سبيل الله.
          وفيه من الفقه: أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يخرج إلى حربٍ إلَّا بإذنٍ من الله تعالى وفيه دليلٌ أنَّ الملائكة تصحب المجاهدين في سبيل الله، وأنَّها في عونهم ما استقاموا؛ فإن خانوا وغلُّوا فارقتهم _والله أعلم_ يدلُّ على ذلك الحديث الذي جاء: ((مع كلِّ قاضٍ ملكان يسدِّدانه ما أقام الحقَّ، فإذا جار تركاه)) والمجاهد حاكمٌ بأمر الله في أعوانه وأصحابه.


[1] قوله: ((السلاح)) ليس في (ص) والمثبت من المطبوع والصحيح.