شرح الجامع الصحيح لابن بطال

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

          ♫(1)
          ░░96▒▒ كِتَاب الاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
          فيه: طَارِقُ بنُ شِهَابٍ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا}[المائدة:3]لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ: هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ في يَوْمِ جُمُعَةٍ. [خ¦7268]
          وفيه: أَنَسٌ، سَمِعَ عُمَر الْغَدَ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلعم، تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَاخْتَارَ اللهُ لِرَسُولِهِ الَّذي عِنْدَهُ عَلَى الَّذي عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذي هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَكُمْ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا، لِمَاَ هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَهُ. [خ¦7269]
          وفيه: ابنُ عَبَّاسٍ: (ضَمَّنِي النَّبيُّ صلعم إِلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ). [خ¦7270]
          وفيه: أَبُو بَرْزَةَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ يُغْنِيكُمْ بِالإسْلامِ وَبِمُحَمَّدٍ صلعم. [خ¦7271]
          وفيه: ابنُ عُمَرَ، أَنَّهُ(2) كَتَبَ إلى عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ، وَأُقِرُّ لَكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ على سنَّة اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ. [خ¦7272]
          لا عصمة لأحد إلَّا في كتاب الله وسنَّة(3) نبيِّه(4) صلعم أو في إجماع العلماء على معنى في أحدِهما
          والسنة تنقسم قسمين: منها واجبة، ومنها غير واجبة، فأمَّا الواجبة فما كان تفسيرًا مِن النَّبيِّ صلعم لفرض الله تعالى، وكلُّ ما أمر به النَّبي صلعم أو نهى عنه أو فعلَه فهو سنَّة، ما لم يكن خاصًّا له، وأمَّا غير الواجب مِن سنَّته صلعم فما كان مِن فعلِه تطوُّعًا ولا يحرج أحد في تركِه كقولِه صلعم: ((إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَمَا يَقُولُ)). وكقوله: ((لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا(5) فِي الدُّنْيَا)).
          وأكثر أصحابِه كان لهم ضياع، فدلَّ أنَّه أدب منه صلعم نستعين به على دفع الرَّغبة في الدُّنيا، ومثل ذلك ممَّا أمر به صلعم تأديبًا لأمَّته بأكرم الأخلاق مِن غير أن يوجب ذلك عليهم، ومِن(6) ذلك ما فعلَه في خاصَّة نفسِه مِن أمر الدُّنيا؛ كاتِّخاذِه لنعلِه قَبَالَيْن ولبسِه النِّعال السَّبتية، وصبغِه إزارَه بالورس، وحبِّه القرع، وإعجابِه بالطِّيب، وحبه مِن الشَّاة الذِّراع، ونومَه على الشقِّ الأيمن، وسرعتِه في المشي، وخروجِه في السَّفر يوم الخميس، وقدومِه منه في الضُّحى، وشبه ذلك، فلم يسنه لأمَّتِه ولا دعاهم إليه، ومَن تشبَّه به صلعم حبًا له كان أقرب إلى فعلِه(7) كفعل ابن عمر في ذلك.


[1] قوله: ((╖)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((أنه)) ليس في (ص).
[3] في (ز): ((أو سنة)) والمثبت من (ص).
[4] في (ص): ((رسوله)).
[5] في (ص): ((لترغبوا)).
[6] في (ص): ((ومثل)).
[7] في (ص): ((ربه)).