شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب اسم الفرس والحمار

          ░46▒ باب: اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ
          فيه: سَهْلٌ: (وكَانَ لِلرَّسولِ في حَائِطِنَا فَرَسٌ، يُقَالُ لَهُ: اللُّحَيْفُ). [خ¦2855]
          وفيه: أَبُو قَتَادَةَ: (أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الرَّسولِ ◙ فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا يُقَالُ لَهُ: الْجَرَادَةُ) الحديث. [خ¦2854]
          وفيه: مُعَاذُ بنُ جَبَلِ: (كُنْتُ رِدْيفَ النَّبيَّ صلعم على حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللهِ على عِبَادِهِ؟) الحديث. [خ¦2856]
          وفيه: أَنَسٌ: (كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ الرَّسُولُ فَرَسًا يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا). [خ¦2857]
          قَالَ البخاريُّ: قَالَ بَعْضُهُمُ: اللُّخَيْفُ بالخَاءِ.
          قال المُهَلَّب: فقه هذا الباب جواز تسمية الدَّوابِّ بأسماء تخصُّها غير أسماء جنسها.
          وقال الواقديُّ: إنَّما سمِّي اللُّحيف لكثرة سبائبه يعني: ذنبه. قال: وكان للنَّبيِّ ◙ فرسٌ يقال له: السَّكب، وآخر يقال: اللِّزاز، وآخر يقال: المرتَجِز، وإنَّما سمِّي السَّكب؛ لأنَّ لونه يشبه لون الشَّقائق، وأنشد الأصمعيُّ:
كالسَّكبِ المحبَّرِ فوقَ الرَّابية
          وكذلك المرتَجِز إنَّما سمِّي بذلك لحسن صهيله.
          وقوله: (إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا) والبحر: الفرس الواسع الجري. قال الأصمعيُّ: يقال: فرسٌ بحرٌ وفيضٌ وحثٌّ وغمرٌ. وقال نفطويه: معناه: كثير الجري.
          قال الخطَّابيُّ: وذكر الواقديُّ أنَّه كان اسم حماره: يعفور، قال: وإنَّما سمِّي بذلك لعفرة لونه، والعفرة: حمرة يخالطها بياضٌ. يقال له: أعفر ويعفور، وأخضر ويخضور، وأصفر ويصفور، وأحمر ويحمور.
          قال المؤلِّف: وعفير من المعفرة، وهو تصغير أعفر، وقال الطَّبريُّ: وقد حدَّثني عبد الرَّحيم البرقيُّ، قال: حدَّثني عَمْرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن محمَّد قال: اسم راية الرَّسول: العُقاب، وفرسه: المرتَجِز، وناقته: العضباء والجدعاء، والحمار: يعفور، والسَّيف: ذو الفقار، والدِّرع: ذات المفضول، والرِّداء: الفتح، والقدح: الغمر. فإذا كان ذلك من فعله ◙ في أملاكه، وكان الله قد ندب خلقه إلى الاستنان به والتَّأسِّي فيما لم ينههم عنه، فالصَّواب لكلِّ من أنعم الله عليه وخوَّله رقيقًا أو حيوانًا من البهائم والطَّير أو غير ذلك أن يسمِّيه باسمٍ كما فعل النَّبيُّ ◙. وعلم بذلك أنَّ المرتدِّين لمَّا ادَّعوا أنساب الخيل لم يتعدَّوا في ذلك إذ كان لها من الأسماء مثل ما لبني آدم، يميِّزوا بها بين أعيانها وأشخاصها، إذ الأسماء إنَّما هي أماراتٌ وعلاماتٌ.