شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر

          ░72▒ باب: فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ في السَّفَرِ.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبيِّ صلعم: (كُلُّ سُلامَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ، تُعِينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ تُحَامِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ). [خ¦2891]
          قال المؤلِّف: السُّلامى عظام الأصابع والأكارع، عن صاحب «العين» وليس ما ذكر في هذا الحديث أنَّه صدقةٌ على الإنسان تجب عليه فرضًا، وإنَّما هو عليه من باب الحضِّ والنَّدب، كما أمر الله تعالى المؤمنين بالتَّعاون والتَّناصر وقال: {وَتَعَاوَنُواْ على الْبرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:2]وقال ◙: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا)) ((والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه))، فهذه كلُّها وما شاكلها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض مندوبٌ إليها مرغَّبٌ فيها.
          ذكر عبد الرَّزَّاق، عن معمرٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن رجلٍ ذكره، عن عائشة، عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: ((إنَّ في الإنسان ثلاثمائةً وستين مفصلًا؛ فمن كبَّر الله وحمد الله وهلَّل الله عددها في يومٍ أمسى وقد زُحزِح عن النَّار)) والمراد بحديث أبي هريرة أنَّ الحامل في السَّفر لمتاع غيره إنَّما معناه أنَّ الدَّابَّة للمُعان فيؤجر الرَّجل على عونه لصاحبها في ركوبها أو في رفع متاعه عليها، وقد جاء هذا الحديث بيِّنًا بهذا المعنى بعد هذا، وترجم له: من أخذ بالرِّكاب ونحوه، وقال في الحديث: ((ويعين الرَّجل على دابَّته فيحمل عليها ويرفع عليها متاعه)). فدلَّ قوله: من أخذ بالرِّكاب ونحوه. أنَّه أراد لدابَّة غيره، وإذا أجر من فعل ذلك بدابَّة غيره أجر إذا حمل على دابَّة نفسه أكثر، والله الموفق.