شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره

          ░186▒ باب مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ في غَزْوِهِ وَسَفَرِهِ
          وَقَالَ رَافِعٌ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلعم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ.
          فيه: أَنَسٌ: (اعْتَمَرَ الرَّسُولُ صلعم مِنَ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ). [خ¦3066]
          قال المُهَلَّب: هذا إلى نظر الإمام واجتهاده يقسم حيث رأى الحاجة والأمن، ويؤخِّر إذا رأى في المسلمين غنًى، وخاف.
          وممَّن أجاز قسمة الغنائم في دار الحرب: مالكٌ والأوزاعيُّ والشَافعيُّ وأبو ثورٍ.
          وقال أبو حنيفة: لا تقسم الغنائم في دار الحرب.
          والصَّواب قول من أجاز ذلك للسُّنَّة الواردة فيه، روى ابن القاسم عن مالكٍ قال: الشَّأن قسمة الغنيمة في دار الحرب؛ لأنَّهم أولى برخصها، وما عدل من البعير بعشرة شياهٍ فليس بأمرٍ لازمٍ.
          في قوله: (عَدَلَ) دليلٌ على أنَّ المعادلة والنَّظر فيها في كلِّ بلدٍ؛ لأنَّ البعير في الحجاز له قيمةٌ زائدةٌ ولأكل لحمه عادةٌ جاريةٌ، وليس كذلك في غيره من البلاد، وإنَّما هو إلى الاجتهاد في كلِّ بلدةٍ.
          وفيه دليلٌ على جواز بيع اللَّحم باللَّحم متفاضلًا من غير جنسه أيضًا.