شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من غزا بصبي للخدمة

          ░74▒ باب: مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ.
          فيه: أَنَسٌ: قَالَ النَّبيُّ صلعم لأبِي طَلْحَةَ: (الْتَمِسْ لي غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إلى خَيْبَرَ، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي، وَأَنَا غُلامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ النَّبيَّ صلعم إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) الحديث. [خ¦2893]
          قال أبو عبد الله: في حديث أنسٍ: (خَرجَ بي أبو طلحةَ وأنا غلامٌ راهقتُ الحلُمَ) وفي طريق آخر: وأنا ابن عشر سنين.
          وكذلك في حديث ابن عبَّاس: ناهزت الحلم. وفي طريق آخر: ((توفِّي رسول الله وأنا ابن عشر سنين، وقد حفظت المحكم الذي يدعونه المفصَّل)) فسمِّي أنسٌ وابن عبَّاس ابن عشر سنين مراهقًا.
          وفيه: جواز الاستخدام لليتامى بشبعهم وكسوتهم.
          وفيه: دليلٌ على جواز الاستخدام بغير نفقةٍ ولا كسوةٍ إذا كان خدمة عالمٍ أو إمامٍ في الدِّين؛ لأنَّه لم يذكر في حديث أنسٍ أنَّ له أجر الخدمة وإن كان قد يجوز أن تكون نفقته من عند النَّبيِّ، وأمَّا الأجرة فلم يذكرها أنسٌ في حديثه ولا ذكرها أحدٌ عن النَّبيِّ صلعم ولا عن أبي طلحة ولا عن أمِّ سلمة، وهما اللَّذان أتيا به إلى الرَّسول صلعم وأسلماه لخدمته ولم يشترطا أجرةً ولا نفقةً ولا غيرها، فجائزٌ على اليتيم إسلام أمِّه ووصيِّه وذي الرَّأي من أهله في الصِّناعات واستئجاره في المهنة وذلك لازمٌ له ومنعقدٌ عليه، وفيه جواز حمل الصِّبيان في الغزو.
          وقوله: (يُحوِّي لها وَراءَهُ) فالحويَّة مركبٌ يُهيَّأ للمرأة، من كتاب «العين».