الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة

          ░195▒ (بَابُ إِذَا اضْطُرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ): ((في)) بمعنى: إلى، كما قال شيخُ الإسلامِ، ويجوزُ بقاؤها على الظرفيةِ، فتأمَّل.
          وطاء: ((اضطُرَّ)) مضمومةٌ كما في ((اليونينية))، ويجوزُ فتحُها على البناءِ للفاعلِ، وقد رأيتُ في ضبطِه الفتحَ كذلك، وجوابُ: ((إذا)) محذوفٌ تقديرُه: يجوزُ للضرورةِ.
          (وَالمُؤْمِنَاتِ): بالجرِّ، عطفٌ على: ((شُعورٍ))؛ أي: وإذا اضطُرَّ الرجلُ إلى النظرِ إلى المؤمناتِ (إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ): أي: بنحوِ الزِّنا، فيجوزُ النظرُ إليهنَّ حينَئذٍ لأجلِ أداءِ الشَّهادةِ، فـ((إذا)) ظرفٌ لـ((النَّظرِ))، ويجوزُ رفعُ: ((المؤمنات))، وهو موجودٌ في بعضِ الأصُولِ، مبتدأٌ، وخبرُه محذوفٌ يُقدَّرُ بنحوِ: كذلك.
          (وَتَجْرِيدِهِنَّ): عطفٌ على: ((النظَرِ)) أي: وإذا اضطُرَّ الرجلُ إلى تجريدِهنَّ من الثيابِ يجوزُ ذلك، وإن أدَّى إلى رؤيةِ أجباهِهنَّ؛ لأنَّ المعصيةَ تُبيحُ احتِرامَهنَّ مع الاحتياجِ إلى النظرِ.
          قال العينيُّ: ألا ترى أنَّ عليًّا والزُّبيرَ ☻ أرادا كشْفَ المرأةِ في قصةِ كتابِ حاطِبٍ، وقد أجمعُوا أنَّ المؤمناتِ والكافراتِ في تحريمِ الزِّنا بهنَّ سواءٌ، وكذلك تحريمُ النظرِ إليهن، ولكنِ الضروراتُ تُبيحُ المحظوراتِ، ولم أرَ أحداً تعرَّضَ لشرحِ هذه الترجمةِ.