الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يذكر من شؤم الفرس

          ░47▒ (بابُ مَا يُذْكَرُ): بسكون الذَّال المعجمة مبنيٌّ للمفعول؛ أي: بيان ما وردَ في الحديثِ، لكن في تعبيره بـ((يُذكَر)) إشارةٌ إلى عدمِ ثبوتِ الشُّؤم، وأنَّ ما في الأحاديثِ مؤوَّل كما يأتي فتدبَّر (مِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ): بيان لـ((ما))، والشُّؤم: بضمِّ الشين المعجمة وبالهمزة السَّاكنة وتبدل واواً للتخفيف، بل قال العينيُّ: وغلب عليها التَّخفيف حتَّى لم ينطقْ بها مهموزة، وقال الجوهريُّ: يقال: رجل مشومٌ ومشؤومٌ، ويقال: ما أشام فلاناً، والعامَّة تقول: ما أيشمه، قال العينيُّ: وتقول أيضاً: ميشومٌ، وهو من تصحيفَاتهِم، والشُّؤم ضدُّ اليُمن، وقال في ((المصباح)): الشُّؤم: الشَّرُّ، ورجلٌ مشؤومٌ: غير مباركٍ، وتشاءمَ القومُ به: تطيَّروا به.
          تنبيه: قال في ((الفتح)) و((العمدة)): قوله: ((ما يُذكر من شؤمِ الفرسِ)) هل هو على عُمومِهِ في جميعِ الخيلِ أو مخصُوصٌ ببعضها؟ وهل هو على ظاهرِهِ أو مؤوَّل؟ وسيأتي بيانُ ذلك، لكنْ ذكرَهُ في البابِ حديث سهلٍ بعد حديثِ ابنِ عُمر يُشير إلى أنَّه ليس على ظاهرِهِ، وترجمتُه بعدَه بقوله: ((بابٌ الخيلُ لثلاثةٍ)) يشيرُ إلى أنَّ الشُّؤم مخصُوصٌ ببعضِ الخيلِ، قال: وكلُّ ذلك من لطيفِ نظرِهِ ودقيقِ فِكره.