الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب فضل الصوم في سبيل الله

          ░36▒ (بابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ): أي: في الجهادِ، قال ابنُ الجوزيِّ: إذا أطلقَ ((سبيل الله)) فالمرادُ به الجهادُ، وقال القرطبيُّ: سبيلُ اللهِ طاعتُه، / قال في ((الفتح)): ويحتملُ ما هو أعمُّ من ذلك، وقال ابنُ دقيقِ العيدِ: العرفُ الأكثرُ استعماله في الجهادِ، فإن حُمِلَ عليه كانَتْ الفضيلةُ لاجتِماعِ العبادتَين، قال: ويحتملُ أن يُراد بـ((سبيل الله)) طاعته كيف كانَتْ، والأوَّل أقربُ، ولا يُعارضُه أنَّ الفطرَ في الجهادِ أولى؛ لأنَّ الصَّائم يضعفُ عن اللِّقاء؛ لأن الفضْلَ محمُولٌ على مَن لم يخشَ ضعْفاً ولا سيَّما عمَّن اعتادَ الصَّومَ، أو الفضل نسبيٌّ؛ أي: أنَّ الصَّوم في الجهاد فيه فضيلةٌ وإن كان الفطرُ أفضلَ منه، فمَن لم يُضعفه الصَّوم عن الجهاد فالصَّوم في حقِّه أفضلُ؛ ليجمع بين الفضيلتَين، وقيل: المرادُ بـ((سبيل الله)) ابتغاءٌ لوجهِ اللهِ تعالى، ويؤيِّد الأوَّل ما في حديثِ أبي هُريرة المرويِّ في ((فوائد أبي الطَّاهر الذهليِّ)) بلفظ: ((ما من مرابطٍ يُرابط في سبيلِ اللهِ فيصومُ يوماً في سبيلِ الله))...الحديث لكنَّه محمولٌ على ما مرَّ.