الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}

          ░45▒ (بابُ مَنِ احْتَبَسَ): بسكون الحاء المهملة وفتح تاء الافتعال، مبالغةٌ في حبسَ؛ أي: وقف، يقال: حبستُه واحتبَسْتُه واحتبَسَ أيضاً يتعدَّى ولا يتعدَّى، والمعنى: يحبسُهُ على نفسِهِ ليُقاتلَ عليه لو وقعَ، ففيه إرهابٌ للعدوِّ بارتباطهِ؛ أي: باب بيانِ فضلِ من وقفَ (فَرَساً): أي: مثلاً، قال الزَّركشيُّ: يريدُ بالاحتباسِ الصَّدقة بالوقفِ، انتهى، وقال ابن بطَّالٍ نقلاً عن المهلَّبِ: هذا يدلُّ على أنَّ الاحتباسَ جارٍ في الخيلِ والرباعِ وغيرهما.
          زادَ الكشميهنيُّ: (فِي سَبِيلِ اللهِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى): أي: في أواخرِ سُورة الأنفالِ ({وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال:60]): قال البيضاويُّ: {رِبَاطِ الْخَيْلِ} اسمٌ للخيلِ التي تُربط في سبيلِ الله، فعالٌ بمعنى مفعولٍ، أو مصدرٌ سُمِّي به، يقال: رَبَط رَبْطاً ورِبَاطاً، ورابطَ مُرَابطةً ورِبَاطاً، أو جمع رَبِيط كفَصِيل وفِصَال، وقُرِئ: ▬ربط الخيل↨ بضمِّ الباء وسكونها، جمع رباطٍ، وعطفُها على القوَّة كعطفِ جبريل وميكائيل على الملائكةِ، انتهى، وتمامُ الآية: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية.
          قال في ((الفتح)): روى ابنُ مردويهِ في التَّفسيرِ من حديثِ ابن عبَّاسٍ في هذِه الآيةِ، قال: إنَّ الشَّيطانَ لا يستطيعُ ناصيةَ فرسٍ.