الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه

          ░ 80▒ (باب الْمِجَنِّ) أي: جواز اتخاذِهِ، وهو بكسر الميم وفتح الجيم وبالنون المثقلة، مفرد ويجمعُ على مجان، وميمه زائدة لكن قول ((المصباح)): والجمع المجان، وزان دواب، انتهى. قد يقتضِي أنها أصلية فتدبر.
          وهو الدَّرقة. وقال ابنُ الأثير: هو الترس، ومثله في ((المصباح)) قال: لأن صاحبَه يستتر به. والدَّرقة كما في ((القاموس)): محركة، الحَجَفة، والجمع: دَرَق وأدْرَاق ودِرَاق.
          والحجفة _بتقديم الحاء المهملة على الجيم_ كما في ((القاموس)) قال في فصل الحاء المهملة من باب الفاء: الحجف _محركة_:الترسُ من جلودٍ بلا خشبٍ ولا عقبٍ، واحدتها: حجفاء، انتهى.
          وقال الشرَّاح: الدَّرَق هو الحَجَفة، ويقال: هو التِّرس الذي يُتَّخذ من الجلودِ، وقال في ((الفتح)) في رواية ابن شَبُّويه: <التِّرَسَة والمجن>، والترسة جمع: ترس، والمجن الدرقة.
          وقال في ((المصباح)): التِّرس معروفٌ، والجمع: ترسة، مثال: عنبَة، وتُرُوس وتِرَاس مثل: فُلُوس وسِهَام، وربَّما قيل: أتراس، قال ابن السِّكيت: ولا يقال: أَتْرِسَة، وزان: أَرْغِفَة، انتهى.
          فعطفَ المجنَّ على الترسَةِ في رواية ابن شَبُّويه من عطفِ أحدِ المترادِفَين أو المتغايرينِ على الآخر.
          (وَمَنْ يَتَتَرَّسُ) بعطف ((من)) على ((المجن))، و((يتَتَرَّس)) صلتُها أو صفتُها، وظاهرُ صنيعِ ((الفتح)) أنَّ ((من)) شرطيَّة حيث قدم فلا بأس به، فتدبر، وهو بفتح المثناة التحتية والفوقيتين وتشديد الراء فسين مهملة؛ أي يتستَّروا، ولأبي ذرٍّ: <يتَّرِس> بفوقية بعد التحتية واحدة مشددة وكسر الراء الخفيفة، وفي كثيرٍ من الأصولِ: <ومن تترس> بمثناتين فوقيَّتين فقط.
          (بِتُرْسٍ) متعلِّق / بـ((يتترس)) وهو بضم التاء وسكون الراء، وتقدَّم تفسيره؛ أي: بدرقة (صَاحِبِهِ) أي: رفيقهِ عندَ القتال، ووجه إيراد هذه التَّرجمة وما يُشبهها في كتاب الجهاد ما قاله ابنُ المنير من أنه يتخيَّل أن اتخاذَ هذه الآلات يُنافي التَّوكل، والحقُّ أنَّ الحذرَ لا يردُّ القدرَ، ولكن يضيِّق مسالك الشيطان فلا ينافي التَّوكل على الرَّحمن.