الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ظل الملائكة على الشهيد

          ░20▒ (باب ظِلِّ الْمَلاَئِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ) أي: باب بيان إظلالِهِم على الشَّهيد، فلعلَّه اسم مصدرٍ لأظلَّه المزيد؛ أي: ستره، ويحتملُ أن ((ظل)) اسم للفَيءِ الذي يكون للأجسَامِ الكثيفةِ، فإثباته للملائكةِ على سبيلِ التَّشبيه، وهو بكسر الظاء المشالة.
          ففي ((القاموس)): الظِّلُّ _بالكسر_:نِقيضُ / الضح، أو هو الفَيْءُ، أو هو بالغَدَاة والفيء العشي، والجمع: ظِلالٌ وظُلولٌ وأظْلالٌ، والجَنَّةُ، ومنه {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر:21] والخيالُ من الجِنِّ وغيرِهِ يُرَى، انتهى.
          وقال في ((المصباح)): قال ابنُ قتيبة: يذهبُ الناس إلى أن الظلَّ والفَيء بمعنى، وليس كذلك بل الظِّل يكون غدوةً وعشيةً، والفَيء لا يكون إلا بعد الزَّوالِ؛ لأنَّه ظلَّ؛ أي: فاءَ عن جانبِ المغربِ إلى جانبِ المشرق، والفَيء: الرُّجوعُ.
          وقال ابن السِّكِّيت: الظِّل من الطلوعِ إلى الزوال، والفَيءُ من الزوالِ إلى الغروبِ، وقال ثعلبٌ: الظِّلُّ للشَّجر وغيرها بالغدَاةِ، والفَيء بالعشيِّ.
          وقال روبة بنُ العجَاجِ: كلَّمَا كانَتْ عليه الشَّمس فزالَتْ عنه فهو ظلٌّ وفيء، وما لم تكنْ عليه الشَّمس فهو ظل، ومن ثمَّ قيل: الشَّمس تنسخُ الظِّل، والفَيء ينسخُ الشَّمس، وجمعُ الظِّل: ظلال وظلل كرطب، وأنا في ظلِّ فلان؛ أي: في سترِهِ، انتهى فتأمله.