الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب

          ░89▒ (باب مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صلعم) أي: من أيَّ شيء كانت (وَالْقَمِيصِ فِي الْحَرْبِ) بجرِّ ((القميص)) عطفاً على ((ما)) أو على ((درع)؛ أي: بيان حُكم لبسهِ في الحرب، أو على ما قيل في لبسهِ فيها، فتأمَّل.
          تنبيه: الدِّرْع _بكسر الدال المهملة وسكون الراء وبالعين المهملة_:تُطلق على ما كانَ من الحديد، وما كان من ثيابٍ، والثَّاني مذكر، وأمَّا الأول فالأكثرُ تأنيثه.
          قال في ((المصباح)): درعُ الحديدِ مؤنثة في الأكثر، وتصغَّر على دُرَيع بغيرها على غيرِ قياسٍ وجاء التَّصغير على لغة من ذكَّر، وربما قيل: دُرَيعه _بالهاء_،وجمعها: أَدْرع ودُرُوع وأَدْراع.
          قال ابنُ الأثير: وهي الزَّرَدِية، ودِرْعُ المرأة: قميصُها، مذكر، انتهى.
          ومثله في ((القاموس)) وقال: في درع المرأة يجمعُ على أَدْراع، انتهى.
          وقوله: ((والقَمِيص)) بفتح القاف وكسر الميم، مذكَّر كالأكثر، ففي ((القاموس)): القميصُ قد يؤنَّث معروف، أو لا يكون إلا من قطنٍ، وأما من الصُّوف فلا، والجمعُ: قُمُص وأَقْمِصة وقُمْصان _بالضم_.
          وقوله: ((في الحَرْب)) حال من ((القميصِ)) أو من الدَّرع أيضاً، وهي بفتح الحاء المهملة وسكون الراء وبالموحدة، ضدُّ الصُّلح.
          قال في ((القاموس)): الحربُ معروفةٌ وقد تذكَّر، والجمع: حروبٌ، ودار الحربِ بلاد المشركين الذين لا صُلحَ بيننا وبينهم، انتهى.
          وقال في ((المصباح)): الحرْبُ المقاتَلَة والمُنَازلة من ذلك، ولفظُها أنثى، فيقال: قامَتْ الحربُ على ساقٍ: إذا اشتدَّ الأمرُ وصعُبَ الخلاصُ منه، وقد تذكَّر ذهاباً إلى معنى القتَالِ فيقالُ: حربٌ شديدٌ وتصغيرها: حُرَيب، والقياس بالهاء، وإنما سقطَتْ كيْ لا تلتبسَ بمصغَّر الحرْبَة التي هي كالرُّمح.
          (وَقَالَ صلعم) ممَّا وصله المصنِّف في الزكاة بأطول (أَمَّا خَالِدٌ) أي: ابن الوليد ☺ (فَقَدِ احْتَبَسَ) بسكون الحاء المهملة وبفتح تاء الافتعال (أَدْرَاعَهُ) بفتح الهمزة؛ أي: أوقفها (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي: في الجهاد دار في طريق مطلقاً، قال في ((الفتح)): والأَدْرَاع / جمع دِرْع، وهو القميصُ المتَّخذ من الزرد، انتهى.
          وفيه: أن القميصَ كما مرَّ لا يشمل ما كان من الحديد، فتدبَّر.