الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إرداف المرأة خلف أخيها

          ░125▒ (بَابُ إِرْدَافِ المَرْأَةِ): أي: جوازُ إردافها؛ أي: إرتدافها (خَلْفَ أَخِيهَا): أي: الرَّاكب على دابَّة، ومثله الزوج وكلُّ محرمٍ، ومثل الأختِ غيرها من محارمِ الرَّجل أو زوجتهِ أو أمته، يقال: أردفْتُ الشَّخص إردافاً: إذا أركبتَه خلفَكَ، وهو أولى من قولِ العينيِّ: أردفتُه إردافاً: إذا أركبتُه معك، انتهى.
          فإنه يشملُ ما إذا أركبَه أمامه، ولا يسمى ذلك إردافاً، ففي ((المصباح)): الرَّديفُ الذي تحملُه خلفَكَ على ظهرِ الدَّابة تقول: أَرْدَفْته إِرْدَافاً وارتَدَفْتُه فهو رَدِيْف ورِدْف، ومنه رِدْف المرأة وهو عجُزَها، والجمع: أردافٌ، وردفْتُه من باب تعب، واستَرْدَفْتُه: سألته أن يُرْدِفَني، ثم قال: وجمع الرَّدِيف: رُدَافَى، على غير قياس.
          وقال الزَّجاج: رَدِفْت الرجلَ _بالكسر_:إذا ركبْتُ خلفُه، وأَرْدَفته: إذا أركبْتَه خلفَكَ، انتهى.
          ولعلَّ الخصُوص مراد العينيُّ فإنه قال أيضاً: والرِّدْف _بكسر الراء_:المرتدف، وهو الذي يركبُ خلفَ الرَّاكب، انتهى.
          وقال الرَّاغبُ في ((مفرداته)): الرِّدْف: التابع، ورِدْف المرأة: عجيزتها، والتَّرَادف: التتابع، والرَّادف: المتأخِّر، والمردف المتقدِّم الذي أردَفَ غيره، قال الله ╡: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9].
          قال أبو عُبيدة: {مُرْدِفِينَ}: جائين بعدُ، فجعل رِدْف وأَرْدَف بمعنى، وأنشد:
إِذَا الجَوْزَاءُ أَرْدَفَتْ الثُّرَيَّا
          وقال غيره: معناه مُرْدِفين ملائكةً آخرين، فعلى هذا يكون: ممدِّين بألفين من الملائكةِ، وقيل: عنى بالمرْدَفِين المتقدِّمِين للعسكرِ يلقونَ في قلوبِ العدَا الرُّعب، انتهى فتأمَّله.