الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من ينكب في سبيل الله

          ░9▒ (بابُ مَنْ يُنْكَبُ) بمثنَّاة تحتيَّة ونون ساكنةٍ فكاف فموحَّدة، مبنيٌّ للمفعولِ؛ أي: بابُ فضلِ مَن يُنكَبُ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قال شيخُ الإسلامِ: زادَ في نسخةٍ: <أو يُطعنُ>، وفي نسخةٍ بدَلَ: ((يُنكَبُ)): <تنكَّبَ> بوزنِ: تفَعَّلَ، انتهى.
          وثبتَ في بعضِ النُّسخِ: <فضلِ>، و((يُنكَبُ)) مضارعُ: نُكِبَ عن الطَّريقِ نُكوباً، من باب: قعَدَ، ونَكْباً: عدَلَ ومالَ، ونكَبَ عن القومِ نِكابةً _بالكسرِ_ فهو مَنكِبٌ، مثلُ: مسجِدٍ، وهو عَونُ العَريفِ، ثم قال: والنَّكبةُ المصيبةُ، قاله في ((المصباح))، وقال في ((القاموس)): نكبَ عنه كنصَرَ وفرِحَ نكْباً ونكَباً ونكُوباً: عدَلَ، كنكِبَ وتنكَّبَ ونكَّبَه: نحَّاه، لازمٌ متعدٍّ، وطريقٌ منكُوبٌ على غيرِ قصدٍ، ونكَّبَه الطريقَ ونكَّبَ به عنه: عدَلَ، والنَّكْبُ: الطرحُ، ثم قال: والنَّكْبةُ _بالفتح_: المصيبةُ، كالنكبِ، والجمعُ: نُكوبٌ، انتهى.
          والمعنى الأخيرُ فيهما مناسبٌ، وكلامُ الشرَّاحِ يفيدُ ذلك، / قالوا: واللفظُ للفَتحِ: النَّكبةُ أن يصيبَ العضوَ شيءٌ فيُدميَه، انتهى.
          واعترضه العينيُّ فقال: هذا التفسيرُ غيرُ صحيحٍ، بل النَّكبةُ أعمُّ من ذلك، قال ابنُ الأثيرِ: النَّكبةُ: ما يُصيبُ الإنسانَ من الحوادثِ، وقال الجوهريُّ: النَّكبةُ: واحِدةُ نكَباتِ الدهرِ، انتهى.
          ولعل تفسيرَ ((الفتحِ)) له بما ذكَرَ لأنه المناسبُ للمَقامِ، فلا يرِدُ اعتِراضُ العينيِّ عليه، فافهم.