الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور

          2784- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) أي: ابنُ مسرهَدٍ، قال: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ) أي: ابنُ عبدِ الله الطحَّان، قال: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ) بفتحِ الحاءِ المهملةِ (ابنُ أَبِي عَمْرَةَ) بفتحِ العينِ المهملةِ وسكونِ الميم، الأسديُّ القصَّاب (عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ) هي: التيميَّة القرشيَّة (عَنْ عَائِشَةَ) أي: الصِّديقة (♦، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُرَى) بضمِّ النونِ، وفي بعضِ النُّسخِ بفتحها، ويروى: ((تَرَى)) بمثنَّاة فوقيَّة مفتوحةٍ ومضمومةٍ، وهي التي في الفرعِ وأصله؛ بمعنى: نظنُّ أو نعتقدُ.
          (الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ) بنصبِ ((الجهاد)) و((أفضل)) مفعولي ((نُرى)) وللنَّسائيِّ من روايةِ جريرِ عن حبيبٍ: ((فإني لا أرَى في القرآنِ أفضلَ من الجهَادِ)) (أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ) أي: رسولُ الله (لَكِنْ) بسكونِ النونِ، وفي بعضِ النسخِ بتشديدِهَا، ونسبها القسطلانيُّ لغيرِ أبي ذرٍّ، والكافُ مكسُورة فيهما، وفي أكثرِ الأصُولِ: بتشديدِهَا وضمِّ الكافِ على أنَّه لجمَاعةِ الإناثِ المخَاطباتِ، ونسبهَا القسطلانيُّ لأبي ذرٍّ، ورُويَ بالأوجهِ الثلاثةِ في الحجِّ (أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ) قال الكرمانيُّ: فإن قلتَ: القياسُ أن يكون الحجُّ مطلقاً للرجالِ والنساءِ أفضلَ من الجهادِ؛ لأنَّه من أركانِ الإسلامِ وفرض عين؟ قلت: الجهادُ قد يتعيَّن، أو لأنَّ فيه نفعاً متعدِّياً، أو المرادُ / بعد حجَّة الإسلامِ.
          وقال إمامُ الحرمين: فرضُ الكفايةِ عندي أفضلُ من فرضِ العينِ، انتهى.
          واعترضَه البرمَاويُّ فقال: لم يقولوا إلَّا أهم ولا يلزمُ منه أن يكونَ أفضلَ، كما حرَّرتُ ذلك في ((شرح ألفية الأصول)) انتهى.
          تنبيه: ((حجٌّ مبرورٌ)) مرفوعٌ على جميعِ الرِّواياتِ، ولا يخفَى توجيهُه لمن تأمَّلَ، وأمَّا ((أفضلُ)) فهو منصُوب اسم ((لكِنَّ)) على تشديدِ نونها مع كسرِ الكافِ، ومرفوعُ على غيرِ ذلك، ولا يخفَى توجيههمَا على العارفِ بالنَّحو.
          والحديثُ سبقَ في أوائلِ كتابِ الحجِّ في بابِ فضلِ الحجِّ المبرورِ.