الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من لم ير كسر السلاح عند الموت

          ░86▒ (باب مَنْ) أي: ذكر من (لَمْ يَرَ) أي: لم يجوز (كَسْرَ السِّلاَحِ عِنْدَ الْمَوْتِ) أي: بعد الموت، كما تفعله الأعرابُ ونحوهم عند موت كبير.
          ووجه دَلالة الحديث عليه أنه لو كان جائزاً لكان أولى أن يفعلَ لموت رسول الله عليه السلام وقيل: أراد بكسر السَّلاح بيعه فإن رسولَ الله مات وعليه دينٌ ولم يبع سلاحه، قاله الكوراني وغيره، ورجَّح الثاني الكرماني، والأول العيني تبعاً للفتح.
          حيث قال في ((الفتح)): كأنه يشير إلى ردِّ ما كان عليه أهل الجاهلية من كسرِ السلاح وعقرِ الدَّواب إذا مات الرئيس منهم، وربما كان يعهدُ بذلك إليهم، وفي ذلك إشارة كما قال ابن المنيِّر إلى انقطاع عملِ الجاهلية الذي كانوا يعملونه لغيرِ الله وبطلانِ آثارهِ، وخمول ذكره بخلاف سنَّة المسلمين في ذلك، قال: ولعل البخاريَّ لمح بذلك إلى ردِّ نحو ما نقلَ عن جعفر بن أبي طالب في غزوةِ مؤتة بأن جعفراً فعله باجتهادٍ والأصل عدمُ جوازِ إتلاف المال إلا لحاجة.
          وقول الكرمانيِّ: المراد بكسرِ السلاح بيعه لا يخفَى بعده، انتهى ملخصاً.