الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب

          ░76▒ (باب مَنِ اسْتَعَانَ) أي: باب بيان من طلبَ الإعانةَ (بالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الحَرْبِ) أي: في القتال للكفَّار، وكلٌّ من الظرفين متعلِّق بالفعلِ؛ أي: استعانَ بدعائهِم وتوسَّل إلى الله تعالى ببركتهم أن ينصرَهُ على عدوِّه.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻؛ أي: فيما سبقَ موصولاً مطولاً في باب بدء الوحي، وقال البرماوي: وسيأتي موصُولاً بعد أبواب مطولاً (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سُفْيَانَ) هو: صخرُ بن حربٍ الأموي، أسلم ليلة الفتح، ثم نزل المدينة ومات بها، وصلى عليه عثمان، وتقدَّمت ترجمته هناك.
          (قَالَ) أي: أبو سفيان، قال (لِي قَيْصَرُ) بفتح القاف وسكون المثناة التحتية وفتح الصاد المهملة فراء، لقب هرقل لا ينصرفُ ملك إحدى وثلاثين سنة، وفي زمن ملكه مات النبي صلعم، وسبقت ترجمتُه في ذلك الباب مبسوطة مع فوائد أخر كثيرة.
          (سَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ) بمد همزة ((أشراف)) قاله القسطلاني، والذي رأيتُه في نسخ ضبطه بهمزة واحدة لحذف همزة الاستفهام على حدِّ قوله: بسبع رمين الجمر أم بثمان؛ لدلالة أم عليها في قوله: (اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ) وجملة: ((اتبعوه)) بتشديد الفوقية ماضوية خبر ((أشراف)) المعطوف عليه ((ضعفاؤهم)) بأم ففيه توسيطُ الخبر بين المبتدأين.
          (فَزَعَمْتَ) بفتح الفوقية (ضُعَفَاؤُهُمْ) بضم الضاد المعجمة ومد الفاء، جمع: ضعيف، منصوب بـ((زعمت)) بمعنى قلت، وتقدم في بدء الوحي بلفظ: ((فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه)).
          وجملة: (وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ) عليهم الصلاة والسلام مستأنفة أو حاليَّة، والحصرُ فيهم أغلبي، وإلا فقد يتَّبع الرسلُ أشرافَ الناس، قال في ((الفتح)): والغرضُ منه قوله في الضُّعفاء وهم أتباعُ الرسل، قال: وطريقُ الاحتجاجِ به حكاية ابن عبَّاس ذلك، وتقريرهُ له، انتهى.
          أي: والعادة استعانةُ الإنسانِ بأتباعِهِ.