الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من أتاه سهم غرب فقتله

          ░14▒ (باب مَنْ أَتَاهُ) أي: أصابه (سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ) بإضافة ((باب)) إلى ((من)) الموصُولة أو النَّكرة الموصُوفة، ويجوز تنوين ((باب)) فـ((من)) شرطيَّة أو موصُولة مبتدأ وخبرها محذوفٌ يقدر بنحو فهو في الجنة أو فهو شهيدٌ، فتدبَّر.
          و((سهمٌ)) بالرفع فاعل ((أتاه)) منوناً ومضافاً، و((غَرَب)) بفتح الغين المعجمة والراء ويجوز إسكانها فموحّدة وعلى الوجهين في الراء، فهو إما مرفوع إن جعلت صفة لسهم، وإمَّا مجرورٌ بإضافته إليه ففي التركيبِ أربعة أوجه، فافهم، ومعنى ((سهم غرب)): لا يُعرف راميهِ، وقيل: بسكون الراء: إذا أتاه من حيثُ لا يدْرِي، وبالفتح: إذا رمَى شخْصاً فأصَاب غيرَه، والأشهرُ سكون الراء عَلى ما في ((الفتح)).
          وحكى ابنُ دريد وابنُ فارس وصاحب ((العين)) وغيرهم الوجهين مطلقاً.
          وقال ابنُ قتيبة: الأجود ((سهم غرَب)) بفتح الراء، وإضافة غرب إلى السَّهم، وقال الأزهريُّ: غرَب _بفتح الراء_ لا غير، وقال أبو زيد: إن جاءَ من حيث لا يعرفُ فهو سهمٌ غرْب _بسكون الراء_،وإن رمَى به إنسان فأصَاب غيره فهو السَّهم، غرَب بفتح الراء، وذكر القزَّاز وابنُ دريد أنه إذا لم يعرفْ راميهِ، يقال له: سهمٌ غربٌ، ومثله: سهم عرض، فإن عرفَ راميهِ فليس بغربٍ ولا عرضٍ، وعلى هذا فلا يقال في السَّهم الذي أصاب حارثة: غرب؛ لأنه عُرف راميهِ، هذا حاصلُ ما في الشراح.
          وقال في ((المصباح)): قولهم ((سهم غرب)) فيه لغات السكون والفتح، وهو مع كلٍّ منها صفة سهم أو مضاف إليه؛ أي: لا يدري من رمَى به، وهلْ من مغربة خبر بالإضافة وتفتح الراء وتكسر مع التَّثقيل فيهما؛ أي: هل من حالةٍ حاملةٍ لخبر موضع بعيدٌ، انتهى.