الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم

          ░121▒ (بابُ مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صلعم): اللِّواء _بكسر اللام وتخفيف الواو ممدوداً_ الراية وهو العلم أيضاً، وقيل: هو غيرها، وهو ثوب يجعلُ في طرفِ الرُّمح ويخلى كهيئته لتصفقه الرِّيح، وأمَّا العلم فإنه يعقد أو هو دونها، أو هو العلم الضَّخم، وعلى التَّفرقة جرى جماعةٌ كالتِّرمذي، ويؤيِّد حديث ابن عبَّاس المروي عنده، وأحمد: كانت راية رسول الله صلعم سوداء ولواؤه أبيضُ، ومثله عند الطَّبراني عن بريدة، وكذا عند ابنِ عدي عن أبي هُريرة، وزاد: ((مكتوبٌ فيه لا إله إلا الله محمَّد رسولُ الله)) والذي صرَّح به كثيرون من أهل اللغة وغيرهم ترادفهما، فلعلَّ التَّفرقة بينهما عرفية، وقد كانت الراية يمسكها رئيس الجيشِ، ثم صارتْ تحملُ على رأسه.
          وأما العلمُ فعلامة محلِّ الأمير يدورُ / معه حيث دارَ، وكان اسمُ رايته عليه الصَّلاة والسَّلام العُقاب، وكانت سوداء مربَّعة، وله أيضاً راية تسمى: البيضاء، وربما جعل فيها شيء أسود.
          وفي ((الفتح)) و((العمدة)): وقيل: اللِّواء علامة كبكبة الأمير يدورُ معه حيث دار، والرَّاية هي التي يتولَّاها صاحبُ الألوية.
          وروى التِّرمذي من حديثِ البراء قال _حين سُئل عن رايةِ رسولِ الله صلعم_:كانت سوداء مربَّعة من نمرة. وروى أبو الشَّيخ من حديث عائشةَ قالت: ((كانَ لواءُ رسولِ الله أبيضَ))، وروى أبو داود عن رجل من الصَّحابة قال: ((رأيتُ رايةَ رسولِ الله صلعم صفراء)).
          وروى ابنُ أبي عاصم عن كرز بن أسامة، عن النَّبي صلعم: ((أنه عقدَ رايةَ بني سليم حمراء))، وروى أيضاً من حديث مزيدةَ قال: كنتُ جالساً عند رسول الله صلعم فعقدَ راية الأنصار وجعلها صفراء.
          ووجه التَّوفيق بين هذه الرِّوايات أنَّ اختلاف الرَّايات باختلافِ الأوقات، انتهى.
          وروى أبو يعلى بسند ضعيفٍ عن أنس رفعه: ((إنَّ الله أكرمَ أمَّتي بالألويةِ)) ولأبي الشَّيخ من حديث ابن عبَّاس: ((كان مكتوبٌ على رايتهِ: لا إله إلا الله محمد رسول الله)) وسنده واهٍ، انتهى ملخصاً.