الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا هجرة بعد الفتح

          ░194▒ (بَابٌ): بالتنوين (لاَ هِجْرَةَ): بكسرِ الهاءِ، اسمُ: ((لا)) مبنيٌّ معها على الفتحِ؛ أي: لا هجرةَ واجبةٌ (بَعْدَ الفَتْحِ): أي: فتحِ مكَّةَ؛ لأنها صارت دارَ إسلامٍ، زادَ في ((الفتح)): / أو المرادُ ما هو أعمُّ من ذلك إشارةً إلى أنَّ حُكمَ غيرِ مكَّةَ في ذلك حُكمُها، فلا تجبُ الهجرةُ من بلدٍ قد فتَحَه المسلمون، أما قبل فتحِ البلد، فمَن به من المسلمين أحدُ ثلاثةٍ:
          الأولُ: قادرٌ على الهجرةِ منها، لا يُمكِنُه إظهارُ دينِه بها ولا أداءُ واجباتِه، فالهجرةُ منها واجبةٌ.
          الثاني: قادرٌ عليها، لكنه يُمكنُه إظهارُ دينِه وأداءُ واجباتِه، فمُستحبَّةٌ؛ لتكثيرِ المسلمين ومعونتِهم، وجهادِ الكفارِ، والأمنِ من غدرِهم، والراحةِ من رؤيةِ المنكرِ بينهم.
          الثالثُ: عاجزٌ عنها بعذرٍ من أسرٍ أو مرضٍ أو غيرِه، سواءٌ أمكنَه إظهارُ دينِه أم لا، فتصيرُ الأقسامُ أربعةً، فتأمل.
          فتجوزُ له الإقامةُ، فإن حمَّلَ نفسَه مشقَّةً وتكلَّفَ الخروجَ منها أُجرَ.