الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من حدث بمشاهده في الحرب

          ░26▒ (باب مَنْ حَدَّثَ) بالحاء المهملة، فعل ماضٍ، وفي بعض النُّسخِ: <يحدِّث> مضارع والدال مشددة فيهما (بِمَشَاهِدِهِ) بفتح الميم، جمع: مَشهَد _بفتحها_ أيضاً؛ أي: مواضع شُهوده؛ أي: حضُوره (فِي الْحَرْبِ) ضدُّ: الصُّلح، وفي بعض النسخِ: <في الحروب> بالجمع.
          ومرادهُ بذلك أنه يجوزُ للرَّجلِ أن يتحدَّثَ بذلك أو بشجاعتِهِ، وما حصلَ فيه من قتلِ الكفَّارِ وسبيِ ذرارِيهِم ونسائهِم، بل يستحَبُّ إذا كانَ إظهاراً لإعلاءِ كلمَةِ اللهِ تعالى والإسلام، وإغاظةً للكفَّار الطِّغامِ فيقتَدِي به في ذلك، لا للرِّياءِ والسُّمْعةِ.
          (قَالَهُ) أي: هذا الأمر (أَبُو عُثْمَانَ) هو: عبد الرَّحمن النَّهدي، كما في غالبِ الشراح، وبه صرَّح في ((التقريب)) وزاد ابنُ ملٍّ _بلام ثقيلة والميم مثلثة_ النَّهْدي _بفتح النون وسكون الهاء_ مشهور بكنيتهِ مخضرمٌ من كبار التابعين، / ثقةٌ ثبتٌ، عاش مائة وثلاثين سنة، وقيل: أكثر، انتهى.
          فما في نسخ القسطلاني هنا من أنَّه عبد الملك فهو من الناسخِ، فاعرفه.
          (عَنْ سَعْدٍ) أي: ابن أبي وقاص، فيما وصله المصنِّف فيما سيأتي في المغازي عنه عن سعد بلفظ: ((إني أوَّل من رمَى بسهمٍ في سبيل الله)).
          وسيأتي أيضاً موصولاً في فضلِ طلحةَ عن أبي عثمان بلفظ: لم يبقَ مع النبيِّ صلعم في تلكَ الأيامِ التي قاتلَ فيها غير طلحةَ وسعد عن حديثهما؛ أي: أنَّهما حدَّثاه بذلك، قاله في ((الفتح)).