الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون

          ░174▒ (باب يُقَاتَلُ) بالبناء للمجهول؛ أي: يقاتِلُ الإمامُ (عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) أي: اليهودِ والنصارى والمجوسِ؛ لأنهم بذَلُوا الجِزيةَ على أن يأمَنوا على أنفُسِهم وأهليهم وأموالِهم، فنقاتلُ عنهم كما نقاتلُ عن المسلمين.
          (وَلاَ يُسْتَرَقُّونَ) بتشديد القاف المضمومة، والبناء للمفعولِ؛ أي: ولو نقضُوا العهدَ عند الجمهورِ. قال ابنُ التينِ: ليس في الحديثِ ما يدلُّ على ما ترجَمَ به من عدمِ الاسترقاقِ.
          وأجاب ابنُ المنيِّرِ بأنه أخذَه من قولِ عمرَ: ((وأُوصيه بذِمَّةِ الله)) فإنَّ مُقتضى الوصيَّةِ بالإشفاقِ أن لا يدخُلوا في الاستِرقاقِ، والذي قال: إنهم يُسترَقُّونَ إذا نقَضوا العهدَ ابنُ القاسمِ، وخالفَه أشهَبُ والجمهورُ، ومحَلُّ ذلك إذا سبى الحربيُّ الذِّميَّ، ثم أسرَ المسلمون الذِّميَّ، وأغربَ ابنُ قدامةَ، فحكى الإجماعَ، وكأنه لم يطَّلِعْ على خلافِ ابنِ القاسمِ، وكأنَّ البخاريَّ اطَّلعَ عليه، فلذلك ترجَمَ به، كذا في ((الفتح)).
          وأجاب العينيُّ فقال: يحتملُ أنه أرادَ به إجماعَ الأئمةِ الأربعةِ، انتهى. وفيه أنَّ ابنَ القاسمِ من أتباعِ مالكٍ.