الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

كتاب الوصايا

          ░░55▒▒ (كِتَاب الْوَصَايَا، بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ) كذا للأكثرين، ورواه النَّسَفيُّ بتقديمِ البسملة، و((الوصايا)) جمع: وصيَّةٍ، كالهدايا، جمع: هديَّةٍ، والوصيَّةُ لغةً: الإيصاءُ، من: وصَيتُ الشيءَ بكذا _مخففاً_: وصَلتُه به؛ لأنَّ الموصي وصلَ خيرَ دنياه بخيرِ عُقباه، وشرعاً: تبرُّعٌ بحقٍّ مضافٍ إلى ما بعد الموت، ليس بتدبيرٍ ولا تعليقِ عتقٍ، وإن التحَقا بالوصيَّةِ حُكماً في حسابِهما من الثُّلثِ، كالتبرُّعِ المنجَّزِ في مرضِ الموت.
          وقال ابنُ الملقِّن: الوصيَّةُ أصلُها: من: وصَيتُ الشيءَ أَصِيه؛ إذا وصَلتَه به، فكأنه وصلَ ما بعد مماتِه بحياتِه، قال: وفي ((الباهي)) لابنِ عُديسٍ: الوصيَّةُ والوصايةُ _بفتح الواو وكسرها_: الاسمُ من: أَوصى الرجلُ وَصاةً، وحكى في: وصايةَ الجَوهريُّ فتحَ الواوِ وكسرَها.
          وقال العَينيُّ: الوَصايةُ: بفتح الواو، بمعنى: الوصيَّةِ، وبكسرِها: مصدرٌ، وأوصى له فلانٌ بكذا: جعلَه وَصيًّا، وذلك مُوصًى إليه، ثم قال: ويقال: وصَّيتُه _بالتشديد_ ووصَاه _بالتخفيف بغيرِ همزٍ_، وقال كـ((الفتح)): وتُطلَقُ شَرعاً أيضاً على ما يقَعُ به الزَّجرُ عن المنهيَّات، والحثُّ على المأمورات، انتهى.
          وقال في ((فتح الباري)): وتطلَقُ الوصيَّةُ على فعلِ الموصي، وعلى ما يوصِي به من مالٍ أو غيِره من عَهدٍ ونحوِه، وتكونُ بمعنى المصدر؛ وهو: الإيصاءُ، وتكونُ بمعنى المفعول؛ وهو: الاسمُ، وفي الشَّرعِ: عهدٌ خاصٌّ مُضافٌ إلى ما بعدَ الموتِ، وقد يصحَبُه التبرُّعُ.