الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس

           ░166▒ (باب مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ) أي: الكفَّارَ قد أقبَلوا (فَنَادَى) أي: الرَّائي للعدوِّ (بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهْ حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ) ((حتَّى)) للغَايةِ أو التَّعليلِ، و((يُسمِعَ)) بضم التَّحتية أوَّله ونصبِ: ((الناسَ))، وفي بعضِ الأصولِ: <حتى يَسمعَ الناسُ> بفتح التحتية ورفعِ: ((الناسُ))؛ أي: أغيثُوني وقتَ الصَّباحِ، وخصَّه؛ لأنَّه وقتُ الغارةِ غالباً.
          وقال العينيُّ: أُغيرَ عليكم في الصَّباحِ، أو قد صُبِّحتُم، فخُذوا حِذرَكم.
          قال القرطبيُّ: معناه: الإعلامُ بهذا الأمرِ المهمِّ الذي دهَمَهم في الصَّباحِ، قيل: لأنَّهم كانوا يُغيرونَ وقتَ الصباحِ، وقيل: جاء وقتُ الصَّباحِ، فتأهَّبوا للقاءِ العدوِّ، فإنَّ الأعداءَ يتراجعونَ عن القتالِ في الليلِ، فإذا جاء النهارُ عاوَدُوه، والهاءُ فيه للنُّدبةِ، تسقُطُ في الوصلِ، والرِّوايةُ إثباتُها، فتقفُ على الهاءِ، وهو مُنادًى مُستَغاثٌ، والألفُ فيه للاستغاثةِ، وقيل: الهاءُ فيه للسكتِ؛ كأنه نادى الناسَ استِغاثةً بهم في وقتِ الصباحِ؛ أي: وقتَ الغارةِ، والحاصلُ أنها كلمةٌ يقولُها المستغيثُ.