الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قتل الأسير وقتل الصبر

          ░169▒ (باب قَتْلِ الأَسِيرِ) أي: بيانِ حُكمِه (وَقَتْلِ الصَّبْر) أي: للأسيرِ، أو أعمُّ، ووقع للكُشميهنيِّ: <بابُ قتلِ الأسيرِ صَبْراً> وهي أخصَرُ، ووقعَ في بعضِ النُّسخِ: <بابُ قتلِ الأسيرِ صَبراً وقَتلِ الصَّبرِ>.
          قال العينيُّ: ولفظُ: ((وقَتلِ الصبرِ)) زائدٌ لا طائلَ تحتَه، انتهى.
          وأقولُ: هو أعمُّ مما قبلَه، فليس بزائدٍ لا طائلَ تحتَه، لكن قال شيخُ الإسلامِ: بل هو مضِرٌّ؛ لاقتضائه جوازَ قتلِ الصَّبر لغيرِ الأسيرِ مُطلقاً، وليس كذلك، أو محمولٌ على أنَّ المعنى: بابُ جوازِ قتلِ الأسيرِ صَبْراً والنَّهي عن قَتلِ الصَّبرِ، ولا يخفى ما فيه من التكلُّفِ مع أنه لا دَلالةَ في الحديثِ عليه، انتهى.
          وأقولُ: قال الكُورانيُ: فإن قلتَ: لم يذكُرْ للقتلِ صَبْراً ما يدلُّ عليه. قلتُ: الصَّبرُ هو الحبسُ، وقتلُ الأسيرِ دلَّ عليه؛ إذ لا فَرقَ بين أن يُقتَلَ الأسيرُ في الحالِ أو بعد الحبسِ، انتهى.
          والصَّبرُ في اللغةِ: الحبسُ، ويقالُ للرَّجلِ إذا شُدَّت يداه ورِجلاه ورجلٌ يُمسكُه حتى تُضرَبَ عُنقُه.
          وفي الحديثِ نهيٌ عن قتل شيءٍ من الدوابِّ صَبراً، وهو أن يُمسِكَ من ذواتِ الرُّوحِ شيئاً حيًّا، ثم يُرمى بشَيءٍ حتى يموتَ، وهو معنى قوله: ((وقَتلِ الصَّبرِ)) كذا في ((العُمدةِ)).
          وقال في ((المصباحِ)): صَبَرتُ صَبْراً، من باب: ضَربَ، حَبستُ النَّفسَ عن الجزَعِ، واصطَبرتُ منه، وصبَّرتُ زَيداً، يُستعملُ لازِماً ومُتعدِّياً، ثم قال: وصبَّرتُه: قَتلتُه صَبْراً، وكُلُّ ذي روحٍ يوثَقُ حتَّى يُقتَلَ، فقد قُتلَ صَبراً.