التوضيح لشرح الجامع البخاري

{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}

          ░40▒ قوله: ({وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}) الآية [البقرة:223].
          4529- ثُمَّ ساق عن مَعقِل بن يسارٍ ☺ قَالَ: (كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: عَنْ يُونُسَ عَنِ الحَسَنِ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، حدَّثَنا أَبُو مَعْمَرٍ، حدَّثَنا عَبْدُ الوَارِثِ، حدَّثَنا يُونُسُ عَنِ الحَسَنِ: أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232]).
          هذا الحديث مِنْ أفراده، وتعليق إبراهيمَ _وهو ابنُ طَهْمان_ أسنده البُخاريُّ في النِّكاح [خ¦5130] عن أحمد بن أبي عمرٍو حفصِ بن عبد الله عن أبيه عنه، وساقه أبو نُعَيْمٍ مِنْ حديث سَلَمة بن شَبيبٍ، عن يزيد بن أبي حكيم عنه.
          وقوله: (حدَّثَنا أَبُو مَعْمَرٍ) أهمله صاحب «الأطراف» وهو ثابتٌ، وعند الطَّبَريِّ مِنْ حديث ابن جُرَيْجٍ أنَّ أختَ مَعقلِ بن يسارٍ جُميل بنت يسارٍ _بضمِّ الجيم كما ضبطه ابن ماكولا_ كانت تحت أبي البَدَّاح، وفي رواية ابن إسحاق: اسمُها فاطمة بنتُ يسارٍ، وسمَّاها ابنُ فَتْحونَ جملًا، وقيل: جُميل، وسماها المُنْذريُّ: ليلى، وقيل: نزلت في جابر بن عبد الله، وكانت له ابنة عمٍّ فطلَّقها زوجُها تطليقةً، فانقضت عدَّتها، ثُمَّ رجع يريد رجعتها فأبى جابرٌ فنزلت، وقيل: نزلت في أنَّه لا يضارُّ وليَّته بعضلها عن النِّكاح، قاله ابن عبَّاسٍ ☻ وغيره، فليس له أن يعضِلَها حتَّى يرثَها ويمنعَها تستعفُّ بزوجٍ، وقيل: نزلت في الرَّجل يطلِّق امرأته ثُمَّ يمنعها إذا انقضت عدَّتها أن تُزوَّج لغيره، فنهى الله عن ذلك.
          والعَضْلُ المنعُ، أي لا تُضيِّقوا عليهنَّ بمنعِكم إياهنَّ، وحُكي كسر ضاد عَضِل، والفتح والكسر مِنْ تعضيل، والقراءة على الضَّمَّ، وأمورٌ مُعضلاتٌ: شِدادٌ، وكذا عضَّلها تعضيلًا، ويُقال: عَضَّلَتْ النَّاقةُ فهي مُعَضِّلٌ: احتُبس ولدها في بطنها.
          قال الشَّافعيُّ: هذا أَبْيَنُ ما في الكتاب العزيز مِنْ أنَّ للوليِّ مع المرأة في نفسها حقًّا آخر، فلو كان الأمر للثيِّب دون وليِّها لزوَّجت أختُ مَعْقِلٍ نفسَها، ولم يخاطب اللهُ الأولياء، فدلَّ على أن الأمر إليهم في التَّزويج مع رضاهنَّ، وستعلم الاختلاف فيه في بابه.
          فائدةٌ: (مَعْقِلُ) بإسكان العين المهملة قبلها ميمٌ مفتوحةٌ ثُمَّ بعدها قافٌ مكسورةٌ (ابْنُ يَسَارٍ) بفتح أوَّله وهو مثنَّاةٌ تحتُ، ابنُ عبد الله بن معبرٍ، بضمِّ الميم وفتح العين المهملة ثُمَّ باءٍ موحَّدةٍ مشدَّدةٍ مكسورةٍ ثُمَّ راءٍ مهملةٍ، ويُقال: بكسر أوَّله وإسكان ثانيه ثُمَّ مثنَّاةٍ تحتُ، كذا قيَّده أبو نصرٍ وغيره، ونقل ابن فَتْحون عن ابن عبد البرِّ: بصادٍ مهملةٍ، قال العِجْليُّ: يُكنى أبا عليٍّ ولا نعلم أحدًا مِنَ الصَّحابة يُكنى بها غيره، قلتُ: هي كُنية طَلْقِ بن عليٍّ اليَمَانِيِّ، وقيس بن عاصمٍ المِنْقَريِّ كما ذكره أبو أحمد وغيره. /