التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}

          ░7▒ (قَوْلُهُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة:106])
          4481- ذكر فيه عن حبيبٍ هو ابن أبي ثابتٍ: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَيٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لَا أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة:106]).
          كذا وقع هنا، والمعروف عن عمر أنَّه كان يقرؤها: {أو ننسأها} وكذا ذكره بعدُ في فضائل القرآن بالإسناد المذكور [خ¦5005]، رواه هناك عن صدقة بن الفضل عن يحيى عن سفيان، وهنا عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى به، ويأتي في فضائل القرآن أيضًا، و(حَبِيب) هذا كان مدلِّسًا فيما ذكره ابنُ حِبَّان، مات سنة تسعَ عشرةَ ومئةٍ.
          ومعنى ({مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}): نُغيِّر حكمَها، ومعنى ({نُنْسِهَا}) نؤخِّر، قرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو بفتح النُّون مع الهمز، والباقون بضمِّها وكسر السِّين مِنْ غير همزٍ، وقرأ سعد بن أبي وقَّاصٍ: (تُنْسَهَا) بمعنى الخِطاب.
          {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} أرفق وأخفُّ وأنفع {أَوْ مِثْلِهَا} في الخفَّة والثَّواب، كنسخ بيت المقدس بالكعبة.
          وقول أُبيٍّ: (لَا أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله صلعم) إنَّما ذلك أن يسمعَ شيئًا ثُمَّ يسمعَ غيرَه، ثُمَّ يقرأ تلك السُّورة فلا يذكر فيها ما سمع أُبيٌّ ويواظب على ذلك ويقول: إن الآية قد نُسخت، فيتعلَّق أُبيٌّ بما سمع ويأخذ هؤلاء بالنَّسخ، ولعلَّه لا يخبره بالنَّسخ إلَّا واحدٌ، ولا عبرة بمن أنكر النَّسخَ، وقالوا: إنَّه بَدَاءٌ، وقد يغلب على الإنسان فنٌّ مِنْ فنون العلم يفوق به أضرابَه، أو يُرزق في ذلك الفنِّ مِنَ التَّصرف ما لا يُرزقه غيرُه وإن شاركَه في ذلك غيره.
          فائدةٌ: جعل هذا الحديث جماعةٌ مِنْ مسند أُبَيٍّ كأَبي مسعودٍ والحُمَيْديُّ وابن عساكرَ، وخالف خلف فجعله مِنْ مسند عمرَ.