التوضيح لشرح الجامع البخاري

{ألم نشرح}

          ░░░94▒▒▒ (سُورَةُ: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح:1]).
          هي مكِّيَّةٌ.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وِزْرَكَ} [الشرح:2]) أي (فِي الجَاهِلِيَّةِ) أخرجه ابنُ جريرٍ عن مُحمَّد بن عمرٍو حدَّثَنا أبو عاصمٍ حدَّثَنا عيسى عن ابن أبي نَجِيحٍ عنه، قال: وفي قراءة عبد اللَّه فيما ذكر {وحللنا عنك وِقرك}.
          (ص) ({أَنْقَضَ} [الشرح:3] أَثْقَلَ) أخرجَه ابنُ جريرٍ عن قَتَادة، قيل: أثقلَه حتَّى جعله نقضًا، والنَّقضُ البعيرُ الَّذِي أتعبَه السَّفرُ والعملُ فنقضَ لحمُه، يُقَالُ حينئذٍ: نقض وانتقض ظهرك حتَّى تسمع نقيضَه، أي صوتَه، وهذا مثلٌ.
          (ص) ({مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:6] قَالَ ابْنُ عُيَيْنة: أَيْ مَعَ ذَلِكَ العُسْرِ يُسْرًا، آخَرَ، كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ) هو في تفسير سفيان كذلك، قال القاضي أبو الوليد: هذا يقتضي أنَّ اليُسرين عنده الظَّفر بالمراد والأجر، فالعسر لا يغلب هذين اليُسرين، لأنَّه لا بدَّ أن يحصل للمؤمن أحدهما، وهذا عندي وجهٌ ظاهرٌ، وقيل: لمَّا عُرِّف العسرُ اقتضى استغراقَ الجنس، فكان الأوَّل هو الثَّاني، ولمَّا كان اليسرُ منكرًا كان الأوَّل منه غير الثَّاني، وقد رُوِيَ مرفوعًا: ((لن يغلبَ عسرٌ يُسرَين))، والمعنى على هذا كلِّه أنَّ مع العسر يسرين، وقد رُوِيَ في «الموطَّأ»: أنَّ عمرَ كتب إلى أبي عُبيدة: أمَّا بعد، فإنَّه مهما ينزل بعبدٍ مؤمنٍ مِنْ مُنزلٍ يسوؤه يجعلُ اللَّهُ بعدَه فرجًا، ولن يغلبَ عسرٌ يسرين.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ} فِي حَاجَتِكَ إلى رَبِّكَ) أخرجَه ابنُ جريرٍ عن مُحمَّد بن عمرٍو حدَّثَنا أبو عاصمٍ حدَّثَنا عيسى عن ابن أبي نَجِيحٍ عنه بلفظ: إذا قمتَ إلى الصَّلاة فانصبْ في حاجتك إلى ربِّك، وقال ابنُ عبَّاسٍ: فانصب يقول: في الدُّعاء، وفي روايةٍ: إذا فرغت ممَّا فرض اللَّه عليك مِنَ الصَّلاة فاسأل اللَّه وارغب إليه وانصب له، وقال الضَّحَّاك: يقول: إذا فرغت مِنَ المكتوبة قبل أن تسلِّم فانصَب، وقال قَتَادة: أَمرَه إذا فرغَ مِنْ صلاته أن يبالغَ في دعائه، وقال الحسن: إذا فرغت مِنْ جهاد عدوِّك اجتهد في الدُّعاء، وقال زيد بن أسلم: إذا فرغت مِنْ جهاد العرب وانقطع جهادهم فانصب لعبادة اللَّه وارغب إليه، وقال مجاهدٌ في رواية منصورٍ: إذا فرغتَ مِنْ أمر الدُّنيا فانصبْ، قال: فَصلِّه، وفي روايةٍ: فصلِّ، وعند عَبْدٍ: فاسأل.
          (ص) (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ} شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ) هذا رواه جُوَيبرٌ عن الضَّحَّاك عنه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:1] يعني رسولَ اللَّه صلعم يقول: ألم نرحِّب صدرَك للإسلام فنوسِّعه يا مُحمَّد، فلمَّا شرح اللَّه صدرَه له أتاه جبريلُ فقال: يا مُحمَّد، قلبُك واعٍ يسع ما وُضِعَ فيه، وعيناك بصيرتان، وأذناك سميعتان، ولسانك صادقٌ، وخلقك مستقيمٌ، وأنت مُحمَّد بن عبد اللَّه، أنت الحاشر المقفَّى، وأنت قُثَم، قيل: يا رسول اللَّه، وما قُثَم؟ قال: ((الجامع)).
          وقال الحسن: ملأناه حكمًا وعلمًا، وقال مقاتلٌ: وَسَّعْنَاه بعد ضيقه، وقال الجَوْزيُّ: هو استفهامٌ على طريق التَّقرير يدلُّ عليه أنَّه عطف عليه بالماضي، وهو قولُه: {وَوَضَعْنَا} [الشرح:2] أي ألم نفتح قلبك بالإيمان والنُّبوَّة، وصرَّح به الزَّجَّاج فقال: {أَلَمْ نَشْرَحْ} أي شرحناه.