التوضيح لشرح الجامع البخاري

{لا أقسم}

          ░░░90▒▒▒ (سُورَةُ: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد:1]).
          هي مكِّيَّةٌ، قيل: لا أقسمُ به إذا لم تكن فيه بعد خروجك، حكاه مكِّيٌّ، وقيل: (لَا) زائدةٌ، أي أقسم به وأنت به يا مُحمَّد.
          (ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِهَذَا الْبَلَدِ} مَكَّةَ، لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاس فِيهِ مِنَ الإِثْمِ) أخرجه الطَّبَريُّ وابنُ أبي حاتمٍ بإسنادهما إليه، وقال ابنُ عبَّاسٍ: أحلَّ له يوم دخلَها القتل والاستحياء، قال ابنُ زيدٍ: لم يكن يومئذٍ بها حِلًّا غيرُه، لم يحلَّ القتلُ فيها ولا استحلالُ حرمِه، وقال الواسطيُّ: المراد المدينة، حكاه في «الشِّفا»، والأوَّل أصحُّ لأنَّ السُّورةَ مكِّيَّةٌ.
          (ص) ({وَوَالِدٍ} آدَمَ، {وَمَا وَلَدَ} [البلد:3]) أخرجه الطَّبَريُّ عن مجاهدٍ أيضًا، قيل: وما ولد مِنَ الصَّالحين وقيل: إبراهيم وذرِّيَّته المسلمين، وعن ابن عبَّاسٍ: الوالد الَّذِي يولد له، وصوَّبه الطَّبَريُّ، وما ولد الكافر.
          (ص) ({لُبَدًا} [البلد:6] كَثِيرًا) أخرجه الطَّبَريُّ عن مجاهدٍ أيضًا: بعضُه على بعضٍ، وهو مِنَ التَّلبُّد، وقُرِئَ بتشديد الباء وتخفيفها.
          (ص) (وَ{النَّجْدَيْنِ} [البلد:10] الخَيْرُ وَالشَّرُّ) أخرجه الطَّبَريُّ عن ابن مَسْعودٍ، وقيل: هما الثَدْيان.
          (ص) ({مَسْغَبَةٍ} [البلد:14] مَجَاعَةٍ) وقيل: هما لغةً الطَّريقُ المرتفع، قلتُ: وقرأ الحسن: {ذَا مَسْغَبَةٍ}.
          (ص) ({مَتْرَبَةٍ} [البلد:16] السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ) أي لَصِقَ به مِنَ الفقرِ فليس له مأوًى غيرُه، وقال بعضُ أهل الطَّريق:إنَّه مِنَ التُّرْبة، وهي شدَّة الحال.
          (ص) ({فَلَا اقْتَحَمَ} [البلد:11] فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ}...) إلى آخره، قلتُ: فهي إذن الأعمالُ الصَّالحة لِما فيها مِنَ المشقَّة بمجاهدة النَّفس والشَّيطان، والاقتحامُ الرَّميُ، وقيل: هي عقبة النَّار، وقيل: بين الجنَّة والنَّار، نزلت في الحارث بن عمرو بن نوفل بن عبد منافٍ كما قاله مقاتلٌ، وقال ابنُ عبَّاسٍ في «تفسيره»: هو النَّضر بن الحارث بن كَلَدَة، وقال الزَّجَّاج: في رجلٍ كان شديدًا جدًّا، وكان يُبسط له الأدم العُكاظيُّ فيقوم عليه فلا يمدُّ مِنْ تحت رجليه إلَّا قطعًا مِنْ شدَّته، وكان يُقَالُ له: كَلَدَة، وكان لا يؤمن بالبعث، ولا يقدر عليه أحدٌ.