التوضيح لشرح الجامع البخاري

{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}

          ░17▒ قوله: ({الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ...}) الآية [البقرة:146]
          4491- ذكر فيه حديثَ ابن عمرَ أيضًا.
          قال قَتَادة والضَّحَّاك: أي يَعرفون أنَّ القبلةَ هي الكعبة، أي قبلة الأنبياء كمعرفتهم أبناءهم، قال الواحديُّ: نزلتْ في مؤمِني أهل الكتاب عبدِ الله بن سَلَام وأصحابِه كانوا يَعرفون رَسُولَ الله صلعم وصِفتَه في كتابهم كما يعرفُ ولدَه إذا رآه، قال ابنُ سلَام: لَأَنَا كنتُ أشدَّ معرفةً برسول الله صلعم منِّي بابني، فقال له عمرُ: وكيف ذاك؟ قال: لأنِّي أشهد أنَّ مُحمَّدًا رَسُول الله حقًّا يقينًا وأنا لا أشهد بذلك لابني لأنَّني لا أدري ما أحدثت النِّساء، فقال له عمرُ: وفَّقك الله. وقال الزَّمَخْشَريُّ: أي يعرفون الرَّسولَ بخُلَّته فلا يشتبه عليهم كما لا يشتبه أبناؤهم عليهم، وأُضمر الرَّسول ولم يتقدَّم ذكرُه لأنَّ الكلام يدل عليه، وفي هذا الإضمار تفخيمٌ وأنَّه لشهرته معلومٌ بغير إعلامٍ، وقيل: الضَّمير للعِلم أو القرآن أو لتحويل القبلة، وقوله: ({كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}) يشهد للأوَّل، وخصَّ الأبناء لأنَّهم أعرفُ وأشهر لصحبة الآباء.
          وفي «تفسير مقاتلٍ»: قال حُيَيُّ بن أَخْطَب وكعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وابن صُوْرِيَا وكنانة ووَهْب بن يهوذا وأبو نافعٍ لرسول الله صلعم: لِم تطوفون بالكعبة، حجارة مبنيَّة؟ فقال ◙: ((إنَّكم لتعلمون أنَّ الطَّواف بالبيت حقٌّ وأنَّه هو القبلة، مكتوبٌ في التَّوراة والإنجيل)) فنزلت.
          وقوله: ({الْمُمْتَرِينَ}) أي الشَّاكِّين، حذَّر اللهُ نبيَّه أن يأخذ بقلبه شيءٌ مِنْ قولهم.